الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن للميت أحكاماً كثيرة مذكورة في كتب الفقه نوجز لك أهمها فيما يلي:
1/ من عاد محتضراً، فعليه أن يأمره بالصبر، وحسن الظن بالله تعالى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يموتن أحدكم وإلا وهو يحسن الظن بالله عز وجل" أخرجه مسلم في صحيحه عن جابر.
2/ توجيه المحتضر إلى القبلة، لما في المستدرك أن البراء بن مسعود أوصى أن يوجه إلى القبلة لما احتضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أصاب الفطرة...".
3/ تلقينه الشهادة، لما في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لقنوا موتاكم: لا إله إلا الله".
قال الإمام النووي معناه: من حضره الموت.
4/ تغميض عينيه بعد مفارقة الروح للجسد، لما في صحيح مسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أبي سلمة - وقد شق بصره - فأغمضه، ثم قال: "إن الروح إذا قبض تبعه البصر"، وفي المسند والحاكم وابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا".
وكذلك يستحب شد لحييه بعد مفارقة الروح، لئلا يبقى فمه مفتوحاً، وكذلك تليين مفاصله، وتمديد أعضائه، ليسهل تغسيله وتجهيزه.
5/ تعجيل تجهيزه، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهل طلحة بن البراء لما جاءه يعوده: "إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت، فآذنوني به، وعجلوا، إنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله".
وفي المسند أنه قال لعلي رضي الله تعالى عنه: "ثلاثة يا علي لا تؤخرهن: الصلاة إذا آنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤاً".
6/ الإسراع بقضاء دينه، لما في المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه".
7/ تغسيله، وتكفينه، وتقدمت كيفية ذلك في الفتوى رقم:
6672 8/ الصلاة عليه، وقد تقدمت أيضا كيفيتها في الفتوى رقم:
19999/ دفنه، وكيفية ذلك أن يحفر له في مقابر المسلمين ما يواريه من شق، أو لحد، واللحد أفضل، ثم يدفن موجها إلى القبلة، ويسنم القبر قليلاً، ويرش بالماء، ليثبت ما دفن به من رمل أو حصى، ولا يجصص القبر، ولا يبنى عليه، لما في المسند وصحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه، وأن يبنى عليه.
10/ الدعاء له بعد دفنه، لما روى أبو داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: "استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت، فإنه الآن يسأل"
11/ إنفاذ وصيته من ثلث ماله.
12/ تعزية أهله، وحثهم على الصبر، والتسليم لقضاء الله تعالى وقدره، ويبين لهم المعزي ما أعده الله تعالى للصابرين من المثوبة ، وينهاهم عن النياحة، والتسخط على ما قدر الله تعالى.
13/ أن يُصنع لأهل الميت طعامٌ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم"، كما في المسند والحاكم وأبي داود.
14/ لا تجوز إقامة المآتم، ولا عمل الولائم، لما في ذلك من عدم إظهار الرضا بالقضاء، ولما فيه من مخالفة السنة.
15/ الكف عن ذكر مساوئ الميت، وعن سبه، لما في المسند وصحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تسبوا الأموات، فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا".
ولا بأس بذكر بعض صفاته الحميدة، وخاصة صفاته الدينية التي يحبها الله تعالى.
ففي الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيراً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "وجبت"، ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال: "وجبت"، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: "هذا أثنيتم عليه خيراً فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شراً، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض".
وفي صحيح البخاري عن أبي الأسود قال: قدمت المدينة، وقد وقع بها مرض، فجلست إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فمرت بهم جنازة، فأثني على صاحبها خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مر بأخرى، فأثني على صاحبها خيراً، فقال عمر رضي الله عنه: وجبت، ثم مر بالثالثة، فأثنى على صاحبها شراً، فقال: وجبت، فقال أبو الأسود: فقلت: وما وجبت يا أمير المؤمنين؟ قال: قلت كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، فقلنا: وثلاثة. قال: وثلاثة، فقلنا: واثنان. قال: واثنان"، ثم لم نسأله عن الواحد.
والله أعلم.