الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن هذا النوع من القضايا التي فيها النزاع والحقوق المشتركة... ينبغي أن يكون المرجع فيها إلى المحكمة الشرعية، فهي صاحبة الكلمة الفصل في ذلك لأن بإمكانها الاطلاع على حيثيات الموضوع من جميع جوانبه والتحقق من ذلك.
وردا على ما طرحته من أسئلة نقول لك إن المعتبر في الميراث هو سعر الزمن الذي يكون فيه تقسيم التركة، وليس سعر وقت وفاة الوالد؛ وذلك لأن الحقوق في جميع الأملاك تبقى مشتركة لأصحابها، لهم ما حصل من الزيادة وعليهم ما حصل من النقص.
وعن سؤالك الثاني، فإن الشقتين اللتين بالدور الأول العلوي والدور الثاني والمحل الذى باعه لك والدك ليس لها نصيب في الأرض؛ وذلك لأن عادة الآباء أن يعيروا لأبنائهم الأرض ليبنوا عليها، مع التصريح بأن ذلك البناء ملك للابن، وهم مع ذلك لا يقصدون التمليك. وخاصة أنك ذكرت أن أباك طلب من أحد المحامين أن يعمل عقد بيع لك للمحل وللشقتين اللتين بالدور الأول العلوي والدور الثاني على أن لا يذكر في العقد أن لهما نصيبا من الأرض.
فلو أن أباك لم يصرح بهذا للمحامي لكان هو المتعين، وأحرى إذا كان قد صرح له به.
قال الشيخ خليل بن إسحاق –رحمه الله تعالى- في مختصره: عاطفا على ما لا تثبت به الهبة: لا بابن مع قوله داره.
قال الخرشي شارحا لكلام خليل: أي لا بقول الإنسان لولده ابن هذه العرصة مع قوله: دار ابني.. للعرف في قول الآباء للأبناء ذلك. وقال صاحب التاج والإكليل المعروف بالمواق: قال ابن مزين: من قال لابنه: اعمل في هذا المكان كرما أو جنانا، أو ابن فيه دارا، ففعل الولد في حياة أبيه والأب يقول: كرم ابني وجنان ابني، أن القاعة لا تستحق بذلك وهو موروث، وليس للابن إلا قيمة عمله منقوضا. اهـ.
فالأرض التي عليها البناء لا تعتبر ملكا لك إلا إذا كان أبوك قد صرح في الوثيقة أنها ملك لك، أو أشهد على ذلك، وحزتها أنت في حياته.
وأما كيفية التقويم فهي أن تقوم الأرض دون البناء ثم يقوم البناء منقوضا، وينقص منه أجرة نقضه، ثم يشترك الطرفان كل بنسبته، فلو قيل مثلا إن قيمة الأرض قبل البناء: 1000 وقيمة الأدوات التي يمكن الانتفاع بها من البناء: 600 وأجرة الهدم: 100 كان ثلثها خاصا بصاحب البناء والثلثان تركة وقس على ذلك.
وأما عن سؤالك الأخير، فإن الشقه التى بالدور الأول تعتبر إرثا يشترك فيه سائر الورثة، لأن ما كتبه أبوك عنها يعتبر وصية، والوصية للوارث لا تنفذ إلا أن يجيزها الورثة. روى أصحاب السنن من حديث أبي أمامة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.
والله أعلم.