الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواقع بين قوسين في هذه الفتوى هو قول الله تعالى: نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ {البقرة:223}، أو ما جاء في آخر الفتوى من قول المفتي: (واشترط أبو حنيفة في حد الزنى أن يكون الوطء في القبل، فلا يجب الحد عنده على من أتى امرأة أجنبية في دبرها، ولكنه يعزر، ثم إن هذا الحكم مقصور على المرأة الأجنبية). ولم نفهم ما يعنيه السائل من قوله: ما تعليقكم وقولكم في الجزء المحصور بين القوسين.
وعلى أية حال فإن الجزء المحصور بين القوسين الأولين هو آية من كتاب الله العزيز، والمحصور بين القوسين الأخيرين هو كلام صحيح النسبة إلى أبي حنيفة -رحمه الله تعالى- وقد ورد في سائر كتب الحنفية وغيرها من الكتب.
وأما التعزير فهو -كما ورد في المغني لابن قدامة-: العقوبة المشروعة على جناية لا حد فيها كوطء الشريك الجارية المشتركة أو أمته المزوجة أو جارية ابنه، أو وطء امرأته في دبرها أو حيضها، أو وطء أجنبية دون الفرج، أو سرقة ما دون النصاب أو من غير حرز أو النهب أو الغصب أو الاختلاس، أو الجناية على إنسان بما لا يوجب حداً ولا قصاصاً ولا دية، أو شتمه بما ليس بقذف ونحو ذلك يسمى تعزيراً، لأنه منع من الجناية، والأصل في التعزير المنع، ومنه التعزير بمعنى النصرة، لأنه منع لعدوه من أذاه..
ثم إن سؤال الأخ الكريم عما إذا كان إتيان الزوجة في دبرها مباحاً لدى المسيحيين واليهود أم لا؟ فجوابه أننا لا نعرف من شريعة المسيحيين واليهود إلا ما ورد منسوباً إلى شرعهم في القرآن والسنة، ولم يرد من ذلك شيء في القرآن ولا في السنة، أما ما يدعى الآن أنه إنجيل أو توراة فلا نستطيع الجزم بشيء مما ورد فيه ما لم يكن ذلك مذكوراً في القرآن أو الثابت من السنة، لأن الله ذكر أن اليهود والنصارى حرفوا الإنجيل والتوراة وبدلوا فيهما تبديلاً كثيراً، ولو افترضنا أنه كان مباحاً لهم في شرعهم، فإن شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت ناسخة لجميع الشرائع.
وعليه.. فإتيان الزوجة في دبرها ليس مباحاً لليهود ولا للنصارى.
والله أعلم.