الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد أجاز بعض أهل العلم أذان عدد من الناس في وقت واحد، ففي مواهب الجليل عند قول خليل: وترتبهم إلا المغرب وجمعهم كل على أذانه. قال الحطاب: يعني أنه إذا تعدد المؤذنون فيجوز أن يترتبوا واحداً بعد واحد إلا في المغرب كما تقدم ويجوز أن يجتمعوا في الأذان دفعة واحدة في المغرب وغيرها وظاهر كلام المصنف أن ترتبهم وجمعهم سواء، وقال صاحب المدخل: السنة الترتيب، ونصه: والسنة المتقدمة في الأذان أن يؤذنوا واحداً بعد واحد فإن كان المؤذنون جماعة فيؤذنون واحداً بعد واحد في الصلوات التي أوقاتها ممتدة، فيؤذنون في الظهر من العشرة إلى خمسة عشر، وفي العصر من الثلاثة إلى الخمسة، وفي العشاء كذلك وفي الصبح يؤذن لها على المشهور من سدس الليل الآخر إلى طلوع الفجر، وفي كل ذلك يؤذن واحد بعد واحد، والمغرب لا يؤذن لها إلا واحد ليس إلا، فإن كثر المؤذنون فزادوا على عدد ما ذكر وكانوا يبتغون بذلك الثواب وخافوا أن يفوتهم الوقت، ولم يسعهم الجميع إن أذنوا واحداً بعد واحد فمن سبق منهم كان أولى فإن استووا فيه فإنهم يؤذنون الجميع، قال علماؤنا: ومن شرط ذلك أن يؤذن كل واحد منهم لنفسه من غير أن يمشي على صوت غيره وكذلك الحكم في مذهب الشافعي.
وقال في التجريد لنفع العبيد وهو من كتب الشافعية: (ولجماعة جهر) بحيث يسمعون لأن ترك كل منهما يخل بالإعلام ويكفي سماع واحد منهم ولا يضر في الولاء تخلل يسير سكوت أو كلام. (و) شرط فيهما. (عدم بناء غير) على أذانه أو إقامته لأن ذلك يوقع في لبس.
وعليه فلا حرج فيما ذكرته من تعدد المؤذنين في وقت واحد، لكن انفراد المؤذن أو ترتب المؤذنين إذا اتسع الوقت أولى من الأذان دفعة واحدة، لما يمكن أن يترتب عليه من التخليط.
والله أعلم.