الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن عورة المرأة الحرة في الصلاة جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين اتفاقاً، واختلفوا في القدمين، والصحيح الذي عليه جمهور الفقهاء أنهما عورة، لحديث أم سلمة رضي الله عنها: أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم أتصلي المرأة في درع وخمار ليس عليها إزار؟ قال: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها. رواه أبو داود والحاكم وصححه وأقره الذهبي.
وقرر هذا جماعة ومنهم ابن قدامة في المغني حيث قال: وهذا يدل على وجوب تغطية القدمين، ولأنه محل لا يجب كشفه في الإحرام فلم يجز كشفه في الصلاة كالساقين. انتهى.
وأما عورة الرجل في الصلاة فما بين السرة والركبة، كما بيناه في الفتوى رقم: 52500.
وما انكشف منها بغير قصد فقد اختلفوا فيه فذهب الشافعية إلى أنه إن لم يستر حالاً فإن صلاته تبطل، قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: فإن انكشف شيء من عورة المصلي لم تصح صلاته سواء أكثر المنكشف أم قل، ولو كان أدنى جزء، وهذا إذا لم يسترها في الحال.
ويرى الحنابلة أنه يعفى عن اليسير دون الكثير، قال ابن قدامة في المغني: فإن انكشف من العورة يسير. لم تبطل صلاته. نص عليه أحمد. والمرجع عندهم في قدر اليسير إلى العرف.
قال ابن قدامة رحمه الله: واليسير ما لا يفحش، والمرجع في ذلك إلى العادة، إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها، فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة... فرجع فيه إلى العرف، كالكثير من العمل في الصلاة.
ويرى الحنفية أن الصلاة تبطل لو انكشف ربع عضو قدر أداء ركن، ويدخل في أداء الركن سنته أيضاً، وهذا قول أبي يوسف، واعتبر محمد أداء الركن حقيقة. قال ابن عابدين: والأول المختار للاحتياط. وعليه؛ لو انكشف ربع عضو -أقل من أداء ركن- فلا يفسد باتفاق الحنفية. قال ابن عابدين: لأن الانكشاف الكثير في الزمان القليل عفو كالانكشاف القليل في الزمن الكثير. وأما إذا أدى مع الانكشاف ركنا فإنها تفسد باتفاق الحنفية، وهذا كله في الانكشاف الحادث في أثناء الصلاة، أما المقارن لابتدائها فإنه يمنع انعقادها مطلقاً اتفاقاً بعد أن يكون المكشوف ربع العضو. انتهى ملخصا من الموسوعة الفقهية.
والأحوط هو ما ذهب إليه الشافعية رحمهم الله.
والله أعلم.