الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن موضوع الأمانة هو أحد المسائل التي اعتنى بها الشرع أيما اعتناء، وحض عليها حضاً بالغاً، قال الله تعالى: إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا {النساء:58}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك. رواه أبو داود وحسنه الألباني.
ويحرم تسلف الأمانة إن كان المتسلف معدما لا يستطيع الوفاء بها، أو كانت هي من المقومات (كالحيوان والعروض..) ويكره تسلفها إن كانت نقداً أو من المثليات، ولم يأذن المودع في تسلفها، قال الشيخ خليل بن إسحاق رحمه الله تعالى: وحرم سلف مقوم ومعدم، وكره النقد والمثلي.
قال الدسوقي معلقاً: وحاصل ما ذكره أن الوديعة إما من المثليات أو من المقومات، وفي كلٍ إما ن يكون المودع مليئاً أو معدماً، فالصور أربع: فإن كانت من المقومات حرم تسليفها بغير إذن ربها مطلقاً كان المودع المتسلف لها مليئاً أو معدما، وإن كانت من المثليات حرم عليه تسلفها إن كان معدماً وكره إن كان مليئاً. ثم إن محل كراهة تسلف المودع المليء للمثلي حيث لم يبح له ربه ذلك أو يمنعه بأن جهل الحال، وإلا أبيح في الأول ومنع في الثاني، ومنعه له إما بالمقال أو بقيام القرائن على كراهة المودع تسلف المودع لها..
وعليه، فإن عليك أن تتجنب سحب تلك الأموال لأغراضك الشخصية، لأن الغالب أن ذلك غير مأذون فيه لمثلك، والأولى أن يحل هذه المسألة المسؤولون في الشركة، وقولك (عندما أزور أهلي كل عدة أشهر أكون محتاجاً للمال من أجل المصاريف) يفيد أنك إذا سحبت هذه الأموال وحللت بها مشاكلك فستكون في عجز عن التسديد، لأن مصاريفك ستكون قد زادت عما كانت عليه.
والله أعلم.