الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالتثاؤب له حالتان:
الأولى: الحالة التي يكون فيها التثاؤب اختيارياً، وقد نص العلماء على كراهة التثاؤب في هذه الحالة، سواء كان في الصلاة أو خارجها، إلا أنه في الصلاة أشد كراهة، لما فيه من عدم الاعتناء بالصلاة، وعدم استحضار معاني ما يقرأ من قرآن أو ذكر أو دعاء، ولمنافاته للخشوع الذي عرفه العلماء بأنه: الخوف الناتج عن استشعار الوقوف بين يدي الله تعالى، وعلى من ابتلي بهذا أن يبادر إلى سد فمه ولو بيده، لقوله صلى الله عليه وسلم: التثاؤب من الشيطان، فإذا تثاءب أحدكم فليرده ما استطاع، فإن أحدكم إذا قال ها ضحك الشيطان. متفق عليه من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
وأخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- يرفعه إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إذا تثاءب أحدكم يضع يده على فيه. والحديث قال عنه الشيخ شعيب الأرنؤوط إسناده صحيح على شرط مسلم.
الثانية: التثاؤب الاضطراري، ولا شك أن المرء غير مكلف في هذه الحالة لأنها حالة اضطرار، إلا أنه مطالب فيها هي الأخرى بسد فمه للحديثين السابقين، ولا شك أن تكررها يؤذن بعدم استشعار مراقبة الله لأن التثاؤب من الشيطان. ولا مكان للشيطان في قلب مشغول صاحبه بمناجاة ربه، يشعر صاحبه بأن الله يراقبه، وأنه عليم بذات الصدور، وهو الذي خلق الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، وهو أقرب إليه من حبل الوريد.
والله أعلم.