الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن تأخير الصلاة عن وقتها عمداً كبيرة من كبائر الذنوب لقول الله تعالى : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ {الماعون: 4 ـ 5 } قال ابن عباس وغيره في معنى ساهون : أي يؤخرونها عن وقتها
ولقول الله تعالى : فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا {مريم: 59 } قال ابن مسعود وغيره : إضاعتها تأخيرها عن وقتها ، وليس العمل أو الدراسة عذراً شرعياً في تأخير الصلاة وإخراجها عن وقتها ، وعليه فإنه يجب عليكم أن تؤدوا الصلاة لوقتها ، ويحرم عليكم طاعة أرباب العمل في إخراج الصلاة عن وقتها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق . رواه أحمد
فإن لم يسمحوا لكم بأداء الصلاة جماعة في المسجد فأقيموا الجماعة في مكان عملكم أو مدرستكم ، فإن منعتم من إقامتها جماعة فلا حرج عليكم من أن يصلي كل واحد منكم على انفراد ، فإن منعتم من الصلاة فرادى فلا يجوز لك ولا للتلاميذ البقاء في تلك المدرسة وعليكم بالبحث عن مكان آخر ، وقد قال الله تعالى : وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2 ـ 3 } وهذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد ، فهو وعد متحقق لمن اتقى الله تعالى ، وفي حالة تمكنكم من الصلاة جماعة أو فرادى ، فإن وقت الصلاة لا يعتبر سرقة من وقت العمل بل هو وقت لله تعالى يجب عليكم أداء الصلاة فيه .
وأما تدريس النساء المتبرجات فإن هذه طامة أخرى ، وذلك أن الله تعالى أمر بغض البصر عن الحرام فقال تعالى : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ {النور: 30 } ولا شك أن تدريس المتبرجات يشق معه هذا الغض الواجب ، وإننا ننصح الأخ السائل بالبحث عن عمل آخر لا معصية لله فيه، فإن هذا خير له من العمل في مكان تضيع فيه الواجبات ، وتنتهك فيه المحرمات .
ولا شك أن إمامة الناس بالصلوات في المسجد والخطابة والقيام بتعليمهم دينهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر لا شك أن هذا من أعظم القربات؛ بل هي وظيفة الأنبياء والمرسلين ، فنحثك على تولي ذلك مع الإخلاص لله تعالى ، وسيفتح الله لك من أبواب الرزق ما لم تكن تحتسب ، والراتب الذي ستأخذه على الإمامة حلال مباح ما دمت مخلصاً لله تعالى في إمامتك لا تريد بها غير وجه الله ، وانظر الفتوى رقم : 10767 ، والفتوى رقم : 9495 ، وكذلك الفتوى رقم : 9812 ، وكلها حول تأخير الصلاة لأجل العمل .
والله أعلم .