الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك أن الاستهزاء والسخرية بدين الله كفر يخرج صاحبه من الملة سواء كان جادا أو هازلا. وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل والأدلة وما يترتب عليه في الفتاوى: 23340، 133، 29407، 49194، نرجو الاطلاع عليها.
وعلى من صدر منه ذلك أن يبادر بالتوبة النصوح إلى الله تعالى فإن التائب من الذنب كما لا ذنب له، كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الفرقان: 68-70}
وما دام هذا الشخص قد تاب من جميع الذنوب وندم على ما صدر منه في سابق عهده فإن هذه توبة صحيحة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: الندم توبة. رواه البيهقي وابن ماجه وغيرهما وصححه الألباني.
والندم -كما قال أهل العلم- توجع القلب وتحزنه لما فعل وتمني كونه لم يفعله، وأولى الذنوب بالدخول في عموم التوبة هو كبائرها وأكبرها الردة والكفر والعياذ بالله تعالى، ولهذا فإنها داخلة في عموم التوبة كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: فمن تاب توبة عامة كانت هذه التوبة مقتضية لغفران الذنوب كلها وإن لم يستحضر أعيان الذنوب؛ إلا أن يعارض من هذا العام معارض يوجب التخصيص، مثل أن يكون بعض الذنوب لو استحضره لم يتب منه لقوة إرادته إياه أو لاعتقاد أنه حسن ليس بقبيح، فما كان لو استحضره لم يتب منه لم يدخل في التوبة، وأما ما كان لو استحضره بعينه لكان مما يتوب منه فإن التوبة العامة شاملة له.
وعلى هذا، فإن زواجه صحيح ولا يلزمه فراق زوجته ولا تجديد العقد ما دام قد تاب قبل ذلك التوبة العامة النصوح.
والله أعلم.