الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد اختلف العلماء في رفع اليدين في دعاء القنوت، فذهب إلى استحبابه الشافعية في المشهور عندهم، وبه قال أحمد، وإسحاق، والحنفية، وكان مالك والأوزاعي لا يريان ذلك.
ودليل من استحبه أنه دعاء، فيندرج تحت الدليل المقتضي لاستحباب رفع اليدين في الدعاء، ومن قال يكره علل ذلك بأن الغالب على هيئة العبادة التعبد والتوقيف، والصلاة تصان عن زيادة عمل غير مشروع فيها، فإذا لم يثبت دليل على رفع اليدين في القنوت كان الدليل على صيانة الصلاة عن العمل الذي لم يشرع أخص من الدليل الدال على رفع اليدين في الدعاء.
والراجح -والله أعلم- أن رفع اليدين في دعاء القنوت مستحب، سواء كان قنوت نازلة أم كان قنوت وتر، لأنه ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه رفع يديه في دعائه على المشركين الذين قتلوا السبعين قارئاً، وكان ذلك في صلاة الصبح.
فقد قال أنس -رضي الله عنه-: فلقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم. رواه أحمد والطبراني في الصغير.
وأما في القنوت بالوتر؛ فلأنه ثابت عن عمر وغيره من الصحابة -رضي الله عنهم-: ولم يكونوا ليفعلوه من تلقاء أنفسهم مع ما استقر عندهم من أن العبادة يجب أن تصان عما لم يقم الدليل على مشروعيته فيها، وقد كانوا يصلون خلف النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو القائل: صلوا كما رأيتموني أصلي. وذلك من حديث مالك بن الحويرث الطويل الذي رواه البخاري.
قال ابن حجر في التلخيص: حديث رفع اليدين في القنوت روي عن ابن مسعود، وعمر، وعثمان، أما ابن مسعود فرواه ابن المنذر والبيهقي، وأما عمر فرواه البيهقي وغيره وهو في رفع اليدين للبخاري، وأما عثمان فلم أره، وقال البيهقي: وروي أيضاً عن أبي هريرة. اهـ.
والله أعلم.