الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد اتفقت المذاهب الأربعة المحفوظة على صحة صلاة من صلى بثوب يحجم العورة دون أن يصفها، قال الحصكفي رحمه الله في الدر المختار وهو حنفي: ولا يضر التصاقه وتشكله. قال ابن عابدين رحمه الله في حاشيته عليه: قوله ولا يضر التصاقه. أي بالإلية مثلاً، وقوله وتشكله، من عطف المسبب على السبب وعبارة شرح المنية: أما لو كان غليظاً لا يرى منه لون البشرة إلا أنه التصق بالعضو وتشكل بشكله فصار شكل العضو مرئياً فنيبغي أن لا يمنع جواز الصلاة لحصول الستر. انتهى.
وقال النفراوي رحمه الله في الفواكه الدواني وهو مالكي: وأما الستر بغير الكثيف وهو ما يصف العورة أي يحددها من كونها صغيرة أو كبيرة أو يشف ويرى من لونها فهو مكروه، ويعيد في الوقت على المعتمد بل كراهة لبس الواصف في الصلاة وغيرها.
وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى وهو شافعي: قال أصحابنا: يجب الستر بما يحول بين الناظر ولون البشرة، فلا يكفي ثوب رقيق يشاهد من ورائه سواد البشرة أو بياضها، ولا يكفي أيضاً الغليظ المهلهل النسج الذي يظهر العورة من خلاله، فلو ستر اللون ووصف حجم البشرة كالركبة والألية ونحوهما صحت الصلاة فيه لوجود الستر، وحكى الدارمي وصاحب البيان وجها أنه لا يصح إذا وصف الحجم، وهو غلط ظاهر.
وقال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني: والواجب الستر بما يستر لون البشرة، فإن كان خفيفاً يبين لون الجلد من ورائه، فيعلم بياضه أو حمرته، لم تجز الصلاة فيه، لأن الستر لا يحصل بذلك، وإن كان يستر لونها، ويصف الخلقة، جازت الصلاة، لأن هذا لا يمكن التحرز منه، وإن كان الساتر صفيقاً. وعليه، فقول الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له ببطلان صلاته –إن صح عنه- اجتهاد منه لا يوافقه عليه غيره من أهل العلم خصوصا أهل التحقيق منهم والرسوخ.
والله أعلم.