الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الاستمناء محرم وله أضرار خطيرة جدا، وقد فصلنا ذلك في الفتويين: الأولى برقم: 7170، والثانية برقم: 23868. ولم نحلك عليهما إلا لأنهما صالحتان لكل من أصيب بهذا الداء ولا تخص أيا منهما شخصا دون آخر.
وأما الودي: فهو الماء الذي يخرج عقب البول لمرض أو برد أو حمل ثقيل أو بذل جهد في رياضة أو نحو ذلك، وهو ماء أبيض خاثر – أي ثخين - وحكمه حكم البول لأنه خارج من مخرجه وجار مجراه، وهو نجس وناقض للوضوء ولا تصح الصلاة بعد خروجه إلا بعد إزالته عن الثوب والبدن والوضوء منه، ومن صلى بعد خروجه دون أن يتوضأ أو هو على ثوبه أو بدنه عالما بوجوده فإن عليه إعادة الصلاة، ولو كان يجهل أنه نجس، أو أن وجوده على ثوبه أو بدنه لا يضر. قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري: وَبَطَلَتْ وَلَوْ بِجَهْلٍ بِالْخَبَثْ، أَيْ: بَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِالْخَبَثِ الْمُتَّصِلِ بِبَدَنِهِ أَوْ مَحْمُولِهِ أَوْ مُلَاقِيهِمَا -كَمَا سَيَأْتِي- وَلَوْ مَعَ جَهْلِهِ بِوُجُودِهِ أَوْ بِكَوْنِهِ مُبْطِلًا، لقوله تعالى: وَثِيَابَك فَطَهِّرْ.
وأما الاستمناء في نهار رمضان فإنه مبطل للصيام، ويلزم قضاؤه لأنه ينافي قول النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى في الصائم: يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. متفق عليه.
وكذا قضاء الصلوات التي صليت قبل الاغتسال، واختلف الفقهاء في الاستمناء حالة الإحرام، هل يفسد النسك - سواء كان حجا أو عمرة - أو لا؟ والذي عليه الأكثر أنه لا يفسد النسك، وعلى فاعله شاة عند الأكثر، وذهب الحنابلة في المعتمد عندهم إلى أن عليه بدنة. قال المرداوي في الانصاف: قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَمْنَى, فَعَلَيْهِ دَمٌ: هَلْ هُوَ بَدَنَةٌ أَوْ شَاةٌ؟ عَلَى رِوَايَتَيْن.... إحْدَاهُمَا: عَلَيْهِ بَدَنَةٌ, وَهُوَ الْمَذْهَبُ, نَصَّ عَلَيْهِ, وَعَلَيْهِ الْجُمْهُورُ .... وَالثَّانِيَةُ: عَلَيْهِ شَاةٌ. انتهى
وتوزع هذه الشاة على فقراء الحرم، وهذا في حالة العلم بأن الاستمناء من محظورات الإحرام، أما في حالة الجهل فلا يلزم به شيء لأنه من قبيل الترفه لا من قبيل الإتلاف، والأول معفو عنه في حالة الجهل أو النسيان.