الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن إذن الإدارة بأخذ الأصناف المسموح بها مشروط بتسجيله، على أن يخصم الثمن من مستحقات الآخذ عند المؤسسة، كما يدلّ عليه قول السائل: (الإدارة تسمح بأخذ أصناف معينة شرط التسجيل، ويتم الخصم من المستحقّات المتراكمة).
فإن كان كذلك؛ فإن هذا التسجيل يقوم مقام الإيجاب والقبول الذي يترتّب عليه عقد البيع بين العامل ومؤسسته، وما يترتب عليه من آثار، كانتقال الملك، واستحقاق الثمن.
والسلعة تبقى ملكًا للمؤسسة، لا يجوز للعامل أن يبيعها ويربح فيها لنفسه، إلا بعد امتلاكها.
قال الزيلعي في تبيين الحقائق: أجمعنا على أنه لو باع عينا حاضرة غير مملوكة له، لا يجوز، وإن ملكها فيما بعد. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: ولا يجوز أن يبيع عينًا لا يملكها، ليمضي ويشتريها ويسلمها، رواية واحدة. وهو قول الشافعي، ولا نعلم فيه مخالفًا؛ لأن حكيم بن حزام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل يأتيني، فيلتمس من البيع ما عندي، فأمضي إلى السوق فأشتريه، ثم أبيعه منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تبع ما ليس عندك" ... فإن باع مال غيره بغير إذنه، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يصحّ لذلك.
والثانية: يصحّ، ويقف على إجازة المالك، فإن أجازه جاز، وإن أبطله بطل؛ لما روى عروة بن الجعد البارقي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارًا ليشتري به شاة؛ فاشترى به شاتين، ثم باع إحداهما بدينار في الطريق، قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم بالدينار وبالشاة، فأخبرته، فقال: "بارك الله لك في صفقة يمينك" .. ولأنه عقد له مجيز حال وقوعه، فوقف على إجازته، كالوصية.. اهـ.
وعلى ذلك؛ فتأخير التسجيل الرسمي إلى ما قبل الجرد، والاكتفاء بكتابة المأخوذ في مسودة، تتوقف صحته على إذن المؤسسة.
فليرجع السائل إلى إدارة المؤسسة، ويطلب إجازتها لما فعله، فإن أجازت؛ فلا حرج. وإلا فلا يصح تصرفه ذلك.
والله أعلم.