الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالآية المذكورة في سورة العنكبوت التي تأمر ببرّ الوالدين والإحسان إليهما، وتنهى عن طاعتهما في الإشراك بالله تعالى، -هذه الآية- لها ارتباط بما جاء في أول السورة من الإخبار بوقوع الابتلاء والاختبار في هذه الدنيا بالتكاليف الشرعية، ليتميز الصادق من الكاذب في دعوى الإيمان.
قال الرازي -رحمه الله- في تفسيره: قوله: أحسب الناس أن يتركوا، يعني أظنوا أنهم يتركون بمجرد قولهم آمنا وهم لا يفتنون، لا يبتلون بالفرائض البدنية والمالية. انتهى.
والأمر بالإحسان إلى الوالدين والنهي عن طاعتهما فيما يغضب الله؛ داخل في الفرائض التي ابتلى الله بها عباده.
قال البقاعي -رحمه الله- في نظم الدرر في تناسب الآيات والسور: ولما ذكر سبحانه أنه لا بد من الفتنة، وحذر من كفر، وبشر من صبر، قال عاطفاً على {ولقد فتنا}، مشيراً إلى تعظيم حرمة الوالد، حيث جعلها في سياق تعظيم الخالق، وإلى أنها أعظم فتنة: {ووصينا} على ما لنا من العظمة، {الإنسان} أي الذي أعناه على ذلك بأن جعلناه على الأَنَس بأشكاله، لا سيما من أحسن إليه، فكيف بأعز الخلق عليه؟ وذلك فتنة له {بوالديه}. انتهى. وللفائدة راجعي الفتوى: 428662.
والله أعلم.