الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن حاجة الأمة: وجود مسعفات يقمن بإسعاف النساء، حتى يستغني النساء عن إسعاف الرجال لهن، وإن دعتك حاجة أو ضرورة إلى العمل مع مسعف رجل، أو استدعت الحاجة والضرورة إسعافاً لرجل بسبب عدم وجود مسعف ذكر مثلًا؛ فلا حرج في ذلك، مع التزام آداب الشريعة بقدر الطاقة والوسع، فلا تجوز الخلوة بالرجل الأجنبي مريضًا كان أو زميلًا، كما لا يجوز النظر الى العورة، ولا مسها، إلا حال الضرورة والحاجة الماسة وبقدرها.
فقد عقد البخاري في كتاب الجهاد من صحيحه باباً في مداواة النساء الجرحى في الغزو، وأسند فيه أثر الربيع بنت معوذ: كنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- نسقي ونداوي الجرحى، ونرد القتلى.
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج: واعلم أن ما تقدم من حرمة النظر، والمس هو حيث لا حاجة إليهما، وأما عند الحاجة فالنظر والمس (مباحان لفصد، وحجامة، وعلاج)، ولو في فرج للحاجة الملجئة إلى ذلك؛ لأن في التحريم حينئذ حرجًا، فللرجل مداواة المرأة وعكسه، وليكن ذلك بحضرة محرم أو زوج .... ويشترط عدم امرأة يمكنها تعاطي ذلك من امرأة وعكسه .. ولو لم نجد لعلاج المرأة إلا كافرة، ومسلمًا، فالظاهر كما قال الأذرعي: أن الكافرة تقدم؛ لأن نظرها ومسها أخف من الرجل... اهـ.
وقال العز بن عبد السلام -رحمه الله- في قواعد الأحكام: ستر العورات واجب، وهو من أفضل المروءات، وأجمل العادات، ولا سيما في النساء الأجنبيات، لكنه يجوز للضرورات والحاجات.
أما الحاجات: فكنظر كل واحد من الزوجين إلى صاحبه... ونظر الأطباء لحاجة الدواء...
وأما الضرورات: فكقطع السلع المهلكات، ومداواة الجراحات المتلفات، ويشترط في النظر إلى السوءات لقبحها من شدة الحاجة، ما لا يشترط في النظر إلى سائر العورات.
وكذلك يشترط في النظر إلى سوأة النساء من الضرورة والحاجة ما لا يشترط في النظر إلى سوأة الرجال، لما في النظر إلى سوءاتهن من خوف الافتتان، وكذلك ليس النظر إلى ما قارب الركبتين من الفخذين، كالنظر إلى الأليتين. انتهى.
والله أعلم.