ينبغي الاستيثاق والاحتياط في ضبط المعاملات المالية بين الشريكين

10-12-2024 | إسلام ويب

السؤال:
زوجي وأخوه مشتركان في شراكة شرعية في تجارة السيارات، بنفس قيمة رأس المال لكل منهما، ونفس الدخل الشهري، ويتم تقسيم الأرباح بالتساوي.
تَكْمُن المشكلة في أن أخا زوجي يصرف الدخل الشهري كاملًا والأرباح، ولا تكفيه لمصاريفه؛ فيصرف من رأس المال أيضًا.
وفي المقابل: يضع زوجي أرباحه مرة أخرى في رأس المال، دون أن يفصل الأمور ماليًا، بحيث تكون هذه الأرباح في حساب منفصل. ونحن على هذا الحال منذ سنوات طويلة.
هل يجوز ذلك شرعًا؟
نحن نعاني من عدم فصل الأمور المالية بينهما، وهناك فروق مالية واضحة جدًا في سقف المصاريف بين عائلة أخيه، وعائلتنا.
ما رأي الشرع في هذا الموضوع، خصوصًا أنني على خلاف مع زوجي الآن بسبب ذلك، وأنا متزوجة منذ 17 سنة، والموضوع بدون أي تغيير، وقد يتطور الموضوع إلى حد الطلاق بيننا؟
وشكرًا.

الإجابــة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فنُذكِّرك أولًا بأهمية المعاشرة بالمعروف بين الزوجين، والحرص على ما يُنَمّي التوادّ والتراحم بينهما، والحذر من نَزَغات الشيطان؛ فإنه حريص على الإفساد بين الزوجين من أجل التفريق بينهما.

والطلاق في الأصل مبغوض شرعًا؛ فلا ينبغي أن يصار إليه إلا عند تعذّر جميع وسائل الإصلاح.

وإذا استطاع الزوجان الإصلاح، والمعاشرة بالمعروف، ولو مع التغاضي عن بعض الهفوات، والتنازل عن بعض الحقوق؛ كان ذلك أولى من الفراق، وانظري الفتوى: 94320.

كما نذكر ثانيًا بأنّ الواجب على الزوج أن ينفق على زوجته وأولاده بالمعروف، وانظري الفتوى: 105673.

وإذا قام الزوج بما عليه من النفقة الواجبة؛ فله التصرّف في أمواله وحقوقه كيف شاء من أوجه التصرّف المباحة، وليس لزوجته منعه من ذلك؛ إلا أن تتشاور معه، وتنصح له، وتتفاهم معه؛ لتحقيق ما فيه المصلحة.

ويمكنك لمزيد الفائدة مراسلة قسم الاستشارات في موقعنا؛ لمزيد من الإرشادات النافعة -إن شاء الله تعالى- في هذا الاتجاه. 

وأمّا بخصوص الشركة التي بين زوجك وأخيه؛ فالذي يمكن أن نفيد به في ذلك -على وجه العموم-، ما يلي:     

الشركة بين اثنين بماليهما يعملان فيه في التجارة، ويكون الربح بينهما؛ شركة جائزة شرعًا.

قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: شركة العنان، ومعناها: أن يشترك رجلان بماليهما، على أن يعملا فيهما بأبدانهما، والربح بينهما، وهي جائزة بالإجماع. انتهى.

جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي: يُستحق الربح بالظهور، ويملك بالتنضيض، أو التقويم، ولا يلزم إلا بالقسمة.

وبالنسبة للمشروع الذي يُدِرُّ إيرادًا أو غَلَّة؛ فإنه يجوز أن توزّع غلّته، وما يوزع على طرفي العقد قبل التَّنْضيض (التصفية)، يعتبر مبالغ مدفوعة تحت الحساب. انتهى. 

- ينبغي الاستيثاق والاحتياط في ضبط المعاملات المالية، وعدم تركها فوضى؛ فقد أرشد الله عباده إلى كتابة الديون والإشهاد عليها، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا {البقرة: 282}. 

فإذا كان أحد الشريكين ينفق على نفسه من رأس ماله في الشركة بعد أخذ ربحه كاملًا، والآخر يضيف ربحه مرة أخرى لرأس ماله في الشركة؛ فهذا يجب ضبطه وحسابه؛ لأنه يؤثر على حصة كل منهما في رأس مال الشركة، ورأس المال هو الذي يُقسَم بحسبه الربح والخسارة، ويُرَدُّ إلى صاحبه عند فضّ الشركة، وأيضًا يُقسَم بحسبه الربح عند الحكم بفسادها.

قال ابن قدامة في «المغني»: ومتى وقعت الشركة فاسدة؛ فإنهما يقتسمان الربح على قدر رؤوس أموالهما، ويرجع كل واحد منهما على الآخر بأجر عمله. نص عليه أحمد في المضاربة، واختاره القاضي، وهو مذهب أبي حنيفة، والشافعي. اهـ.

والمقصود أن أحكام الشركة وآثارها وحقوقها لا يمكن ضبطها إلا بضبط حسابها، سواء في رأس المال، أو في الربح والخسارة، وللفائدة يرجى النظر في الفتوى: 159931.

والله أعلم.

www.islamweb.net