الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن محادثة المرأة لرجل أجنبي عنها أمر منكر، فلا يجوز. وإن دعتها لذلك حاجة، وانضبطت بالضوابط الشرعية، واجتنبت أسباب الفتنة، فلا حرج عليها في ذلك بشرط أن يكون ذلك بقدر الحاجة، فلا تتجاوزها، وتراجع الفتويين: 321541، 21582.
وعلى تقدير أن المرأة قد تجاوزت الحدود الشرعية، وتابت، فمن تاب تاب الله عليه، والتوبة تمحو ما قبلها، ثبت في الصحيحين عن عائشة -رضي الله عنها- في قصة الإفك الطويلة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تاب تاب الله عليه.
وقد أحسن بمسامحته لزوجته، ولكن المسامحة تقتضي تجاوز ما مضى، وعدم المؤاخذة به، أو تهديدها بالطلاق، فذلك يتنافى مع ما هو مأمور به من حسن العشرة، كما في قوله -تعالى-: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ {النساء: 19}، قال السعدي في تفسيره: وهذا يشمل المعاشرة القولية، والفعلية، فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف، من الصحبة الجميلة، وكف الأذى، وبذل الإحسان، وحسن المعاملة.... انتهى.
وهجر الزوج زوجته محرم، إلا لمسوغ شرعي، كنشوزها، ونحو ذلك، وإذا كانت الزوجة صالحة مستقيمة لم يجز هجرها، وراجعي الفتوى: 71459.
ونوصي بالحرص على الإصلاح، وتوسيط العقلاء من أهل الزوج، وأهل الزوجة، قال -تعالى-: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء: 35}.
وليحذر الزوج من ظلم زوجته، والاعتداء عليها، فإن الله -عز وجل- أقدر عليه، وقد ينتقم لها منه، قال الله -عز وجل-: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا {النساء: 34}، قال القرطبي في تفسيره: تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب، فإن الله -العلي الكبير- وليهن، وهو منتقم ممن ظلمهن، وبغى عليهن.... انتهى.
والله أعلم.