الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل أن استماع مكالمات الآخرين الخاصة وتسجيلها؛ لا يجوز بغير بإذن -نصي أو عرفي-، إلا إذا غلب على الظن وقوع جريمة مثلا، لا يمكن دفعها إلا بالاستماع والتسجيل؛ فيرخص فيه حينئذ بلا إذن.
فقد أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه، صبّ في أذنه الآنك يوم القيامة.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن مسارقة السمع -وهو: التنصت على أحاديث أناس بغير علمهم، ورضاهم- محرم، يعاقب عليه السارق في الآخرة؛ لحديث: من استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه؛ صب في أذنيه الآنك يوم القيامة. اهـ.
وفيها أيضا: يستثنى من هذا النهي: الحالات التي يشرع فيها التجسس (الذي هو أشد تحريما من استراق السمع) كما لو تعين التجسس أو استراق السمع طريقا إلى إنقاذ نفس من الهلاك، كأن يخبر ثقة بأن فلانا خلا بشخص ليقتله ظلما، فيشرع في هذه الصورة التجسس، وما هو أدنى منه من استراق السمع. اهـ.
وانظر الفتوى: 348565.
وأما بالنسبة لتصميم مثل هذا البرنامج: فلا حرج فيه إذا كان لتحقيق المصلحة المذكورة في الشركات والمرافق العامة، وعلى مستخدميه أن يحرصوا على وجود تلك الرسالة الصوتية التي فيها تنبيه لطرفي المكالمة أنها مسجلة؛ حتى لا يتكلم أحد منهم بما لا يحب أن يسمعه غيره.
واحتمال استعمال بعض الناس له على وجه محرم -كتسجيل المكالمات دون إعلام الطرف الآخر- لا يمنع من جواز تصميم البرناج وبيعه، فشأنه شأن سائر السلع والخدمات المباحة التي يمكن استعمالها على وجه محرم، ولا يحرم ذلك بيعها.
وانظر حول ضوابط الإعانة المحرمة الفتويين: 321739 ، 345832
والله أعلم.