الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فسؤالك هذا يحتمل أمرين: أن تكون تريد معرفة ما إذا كان الإناء الذي شرب فيه سكران يجوز للمسلم أن يشرب فيه أم لا؟ أو أنك تسأل عن الشرب من فضلة من عُلِم أنه يشرب الخمر.
فأما الأول: فلا مانع منه، لأن أقصى مراتب الإناء الذي شرب فيه شارب الخمر أن يكون تنجس، وحينئذ يغسل حتى يطهر فيصير كغيره من الأواني.
وأما سؤر شارب الخمر فإن كانت الخمر بادية على فيه وقت الشراب، فإن كان الشراب طعاماً كاللبن والعصير فإنه يتنجس بمجرد ملاقاة الخمر، قال خليل: ويتنجس كثير طعام مائع بنجس قل.
وإن كان الشراب ماء وقد غيرته الخمر فهو نجس أيضاً، وإن لم يتغير فهو نجس كذلك عند الجمهور، ففي المغني وهو حنبلي: وأما دون القلتين إذا لاقته النجاسة فلم يتغير بها فالمشهور في المذهب أنه ينجس.
وفي الأم: قال الشافعي: وإذا وقع في الإناء نقطه خمر أو بول أو دم أو أي نجاسة كانت.... فقد فسد الماء.
وفي الجوهرة النيرة وهي من كتب الأحناف: سؤر شارب الخمر ومن دمي فاه إن شرب على فورهما فإنه نجس... 1/20.
ولا ينجس عند المالكية قليل الماء بالنجاسة القليلة التي لم تغير أحد أوصافه، قال خليل عاطفاً على مسائل مكروهة: ويسيرٌ كآنية وضوء وغسل بنجس لم يغير.
وإن لم يبق للخمر وجود على فيه فإن سؤره لا ينجس ويجوز استعماله، ولكن الأفضل للمسلم أن ينأى عن مخالطة الفساق وشرب آسارهم.
والله أعلم.