الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز تقديم شهادة خبرة مزيفة؛ للحصول على وظيفة، فهذا من التزوير، والغش، وقد قال تعالى: وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ. {الحج: 30}.
وفي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور. أخرجه البخاري ومسلم.
وفي الحديث قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من غش فليس منا. أخرجه مسلم.
وفي صحيح ابن حبان: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من غشنا فليس منا، والمكر، والخداع في النار.
وصعوبة الحصول على الوظيفة، وضغوط الأهل، لا تسوغ الاستعانة بشهادة خبرة مزيفة.
ونذكرك بأن من ترك شيئا لله، عوضه الله خيرا منه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إنك لَن تدَع شيئًا للهِ عزَّ وجلَّ إلا بدلك اللهُ به ما هو خيرٌ لكَ منه. أخرجه أحمد في المسند، وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: إسناده جيد.
قال ابن القيم في روضة المحبين: من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه، كما ترك يوسف الصديق -عليه السلام- امرأة العزيز لله، واختار السجن على الفاحشة، فعوضه الله أن مكنه في الأرض يتبوأ منها حيث يشاء، وأتته المرأة صاغرة، سائلة، راغبة في الوصل الحلال، فتزوجها، فلما دخل بها قال: هذا خير مما كنت تريدين، فتأمل كيف جزاه الله -سبحانه وتعالى- على ضيق السجن أن مكنه في الأرض ينزل منها حيث يشاء، وأذل له العزيز امرأته، وأقرت المرأة، والنسوة ببراءته، وهذه سنته تعالى في عباده قديما، وحديثا إلى يوم القيامة، ولما عقر سليمان بن داود -عليهم السلام- الخيل التي شغلته عن صلاة العصر حتى غابت الشمس سخر الله له الريح يسير على متنها حيث أراد، ولما ترك المهاجرون ديارهم لله، وأوطانهم التي هي أحب شيء إليهم، أعاضهم الله أن فتح عليهم الدنيا، وملكهم شرق الأرض، وغربها، ولو اتقى الله السارق، وترك سرقة المال المعصوم لله، لآتاه الله مثله حلالا، قال الله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} فأخبر الله -سبحانه وتعالى- أنه إذا اتقاه بترك أخذ مالا يحل له، رزقه الله من حيث لا يحتسب. انتهى.
والله أعلم.