الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تكتسبه المرأة من عملها حق خالص لها ولا يحق للزوج أن يأخذ من مال زوجته شيئاً إلا إذا أذنت له في ذلك، أو جرى العرف أن يأخذ كل منهما من مال الآخر ما يحتاجه في حدود المعروف، أو اتفقا على أن تتنازل عن جزء من راتبها نظير سماحه لها بالعمل، فيجب الوفاء بما اتفقا عليه، وليس له أن يلزمها بنفقة من مالها الخاص، بل يجب عليه الإنفاق عليها مهما بلغ مالها كثرة.
وليس له أن يجبرها على الاستقالة من العمل إن كان قد وافق على الشرط الذي ذكرته قبل العقد، وكان عملها مضبوطاً بالضوابط الشرعية، فتخرج إليه محتشمة متحجبة، وتسلم فيه من الاختلاط بالرجال الأجانب، ولم يكن فيه تضييع لما أوجب الله عليها من حقوق للزوج والأبناء.
وفي الصحيحين عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج. وفي سنن الترمذي من حديث عمرو بن عوف المزني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المسلمون على شروطهم، إلا شرطاً حرم حلالاً أو أحل حراماً.
أما تدخلك للحفاظ على مصالح أخواتك، فيجب أن يكون في حدود ما أحل الله تعالى لك أن تتدخل فيه فقط: من رفع الظلم عنهن، وإصلاح ما بينهن وبين أزواجهن، ويكون ذلك بحكمة وتأن، والامتناع عما يزيد المشاكل تفاقماً، وننصحك أن تحث أختك على التنازل عن بعض حقها تفضلاً منها لتحافظ على حياتها الزوجية مستقرة، وننصح الزوج ألا يستخدم سلطته كزوج لأخذ مال زوجته أو إجبارها على بذل شيء من النفقة الواجبة عليه، فإن هذا ظلم لها ووقاية لماله، وليكن ضابط العلاقة بين الزوج وزوجته كتاب الله: فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ {البقرة:229}، فإن أمسكها، فليكن له في رسول الله أسوة حسنة، فقد قال عليه الصلاة والسلام: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.
نسأل الله أن يصلح ذات بينكم.
والله أعلم.