الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأصل التداوي مشروع بل مستحب كما حكاه النووي في شرحه على مسلم عن جماهير السلف والخلف، وقد يبلغ أن يكون واجباً إذا أدى تركه إلى التلف، قال الله تعالى: وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا [النساء:29]، وقال تعالى: وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ [البقرة:195].
وجاء في حاشيتي قليوبي وعميرة في الفقه الشافعي: إذا كان به جرح يخاف منه التلف وجب –أي التداوي-. انتهى.
وجاء في تحفة المحتاج من كتبهم: إذا علم الشفاء في المداواة وجبت. انتهى.
فإذا علم أنه كان على تلك المرأة التداوي من مرضها هذا الذي من المعلوم عنه أن يؤدي إن لم يتدارك إلى الهلاك، فإن سكوت السائلة وعدم إخبار ذويها بمرضها إعانة لها على ترك واجب، وهو كذلك إسلام لها إلى مهلكة، وفي الحديث: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه. رواه البخاري.
قال الحافظ ابن حجر: وقوله: لا يسلمه أي لا يتركه مع من يؤذيه ولا فيما يؤذيه بل ينصره ويدفع عنه, وقد يكون ذلك واجباً وقد يكون مندوباً بحسب اختلاف الأحوال، وزاد الطبراني: ولا يسلمه في مصيبة نزلت به. انتهى.
والذي نراه –والله أعلم- أن السائلة بإخفائها أمر مرض أختها حتى انتشر وقضى عليها قد تركت واجباً وارتكبت إثماً، وكفارة ذلك التوبة إلى الله عز وجل منه.
والله أعلم.