الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي دل عليه الكتاب والسنة وثبت عن الصحابة رضوان الله عليهم هو أن مس المصحف لا يجوز للمحدث، وإلى هذا جمهور أئمة السلف كالأئمة الأربعة وغيرهم، ورجح هذا عدد كبير من المحققين، حتى قال الإمام ابن عبد البر في كتابه "التمهيد": ولم يختلف فقهاء الأمصار بالمدينة والعراق والشام أن المصحف لا يمسه إلا الطاهر على وضوء، وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة والثوري والأوزاعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وأبي ثور وأبي عبيد، وهؤلاء أئمة الفقه والحديث في أعصارهم.
وقد قدمنا طرفا من أدلة هذا القول في الفتوى رقم: 1635 وإذا تقرر هذا، فكيف يقال إن المحققين من علماء السلفية يجيزون لمس المصحف لغير المتوضئ؟ وهل يقصد بالسلفية إلا أتباع السلف الصالح؟ وإذا لم يكن مالك والشافعي وأحمد وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي وإسحاق بن راهويه وأبو ثور –نقول:- إذا لم يكن كل هؤلاء سلفيين فمن هم السلفيون؟! علما بأن هناك من أهل العلم من السلف ومن بعدهم من ذهب إلى جواز مس المصحف للمحدث، ولكن هؤلاء وإن كان فيهم محققون، إلا أنهم قلة بالنسبة للقائلين بعدم الجواز، ولمعرفة حججهم ومناقشتها نحيلك على كتب الفقه مثل المغني والمجموع وغيرهما.
والله أعلم.