الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن صدق التوبة أن يعزم التائب على أن لا يعود إلى المعصية التي تاب منها، وها أنت تعيد الأمر جذعاً فتلتقي بامرأة أجنبية عنك وتنشئ معها علاقة آثمة محرمة، وكأنك تعتقد أن المحرم هو الزنا، وأما ما دون ذلك من اللقاء والخلوة والنظرة فمباح، فإن كنت تعتقد ذلك فأنت مخطئ فكل ذلك حرام، وهي سلسلة من المعاصي تبلغ أوجها بالوقوع في الزنا فاتق الله وتب إليه توبة نصوحاً، فهي التي علق الله عليها عفوه عن صاحبها كما قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحاً عسى ربكم أن يكفر عنكم سيئاتكم.
وأما الزواج من هذه البنت التي زنيت بأمها، فمختلف فيه عند أهل العلم، فعند الشافعي لا تحرم، جاء في كتاب الأم: وإذا زنى الرجل بالمرأة فلا تحرم عليه هي إن أراد أن ينكحها ولا أمها ولا ابنتها لأن الله عز وجل إنما حرّم بالحلال والحرام ضد الحلال. ا.هـ
بينما ذهب أبو حنيفة إلى أن الزنا بامرأة يحرم ابنتها على من زنى بها، جاء في نصب الراية: ومن زنا بامرأة حرمت عليه أمها وبنتها.ا.هـ
وأما مذهب الحنابلة فقال ابن قدامة في المغني: ووطء الحرام محرم كما يحرم وطء الحلال والشبهة ... فإذا زنى بامرأة حرمت على أبيه وابنه وحرمت عليه أمها وابنتها... نص أحمد على هذا في رواية جماعة. ا.هـ
وذهب المالكية في المعتمد عندهم إلى أن الحرام لا يحرم الحلال، ولعل قول الشافعي ومالك هو الراجح، وراجع الفتوى رقم: 35501.
والله أعلم.