الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي نرشدك إليك أن تبتعدي عن الزواج من قريبك هذا، الذي تقول والدتك: إنها قد أرضعته رضعتين أو ثلاثًا؛ فمن اتّقاء الشبهات أن تعدّيه محرمًا في النكاح، وتعدّيه أجنبيًّا في باب الخلوة به، والسفر معه؛ احتياطًا وبعدًا عن الشبهات؛ لأن من أهل العلم من جعل الرضاع محرمًا دون تحديد عدد رضعات.
وهذا الاحتياط يرشد إليه ما في صحيح البخاري وغيره، من حديث عقبة بن الحارث -رضي الله عنه- أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة، فقالت: قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، فأرسل إلى آل أبي إهاب يسألهم، فقالوا: ما علمنا أرضعت صاحبتنا، فركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف وقد قيل!؟ ففارقها، ونكحت زوجًا غيره.
قال ابن حجر في فتح الباري: قوله: كيف وقد قيل!؟ فإنه يشعر بأن أمره بفراق امرأته إنما كان لأجل قول المرأة أنها أرضعتهما، فاحتمل أن يكون صحيحًا، فيرتكب الحرام، فأمره بفراقها احتياطًا، على قول الأكثر. وقيل: بل قبل شهادة المرأة وحدها على ذلك. انتهى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: وأما إذا شُك في صدقها، أو في عدد الرضعات: فإنها تكون من الشبهات؛ فاجتنابها أولى. انتهى.
والله أعلم.