الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن حقيقة الاستخارة تفويض الأمر إلى الله تعالى؛ لكمال علمه وحكمته.
قال المناوي في فيض القدير: والاستخارة طلب الخيرة في الأمور منه تعالى، وحقيقتها تفويض الاختيار إليه سبحانه؛ فإنه الأعلم بخيرها للعبد والقادر على ما هو خير لمستخيره إذا دعاه أن يخير له، فلا يخيب أمله. والخائب من لم يظفر بمطلوبه.
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يقول: خِرْ لي، واختر لي. اهـ.
فإذا تعلق القلب بأحد الطرفين، فإن ذلك ينافي التفويض.
قال القرطبي في تفسيره: قال العلماء: وينبغي له أن يفرّغ قلبه من جميع الخواطر؛ حتى لا يكون مائلًا إلى أمر من الأمور. اهـ.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: ينبغي للمستخير ترك اختياره رأسًا، وإلا فلا يكون مستخيرًا لله، بل يكون مستخيرًا لهواه، وقد يكون غير صادق في طلب الخيرة، وفي التبري من العلم، والقدرة، وإثباتهما لله تعالى، فإذا صدق في ذلك، تبرأ من الحول، والقوة، ومن اختياره لنفسه. اهـ.
والدعاء بعد الاستخارة بالأمر المستخار فيه لم نظفر بحمكه. ولا بأس بتكرار الاستخارة، فهذا مشروع؛ كما أوضحنا في الفتوى: 175489.
وأما كون هذا اعتداء في الدعاء، فليس الأمر كذلك، ولمعرفة ما حدد به العلماء الاعتداء في الدعاء، انظر الفتوى: 23425.
وهذا فيما يتعلق بالسؤال الأول.
وأما السؤال الثاني، فجوابه: أنك إذا لم توفق للزواج منها، فانصرف عنها ولا تعلق قلبك بها؛ لأن هذا أيضا يتنافى مع ما جاء في دعاء الاستخارة. قال ابن الملقن في التوضيح، وهو شرحه لصحيح البخاري: وقوله: (واصرفه عني، واصرفني عنه) أي: لا تعلق بالي به وبطلبه. اهـ.
واجتهد بعد ذلك في البحث عن غيرها، والاستعانة بالثقات من الناس، فالنساء كثير، هذا مع الاجتهاد في الدعاء.
ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى: 8757 ففيها بيان كيفية اختيار الزوجة.
والله أعلم.