الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأقل سن تحيض له المرأة هو تسع سنين.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: وَأَقَلُّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ الْمَرْأَةُ تِسْعُ سِنِينَ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَةَ لَا تَحِيضُ، بِدَلِيلِ قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ}؛ وَلِأَنَّ الْمَرْجِعَ فِيهِ إلَى الْوُجُودِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِن النِّسَاءِ مَنْ يَحِضْنَ عَادَةً فِيمَا دُونَ هَذَا السِّنِّ.
وَلِأَنَّ دَمَ الْحَيْضِ إنَّمَا خَلَقَهُ اللَّهُ لِحِكْمَةِ تَرْبِيَةِ الْحَمْلِ بِهِ، فَمَنْ لَا تَصْلُحُ لِلْحَمْلِ، لَا تُوجَدُ فِيهَا حِكْمَتُهُ، فَيَنْتَفِي لِانْتِفَاءِ حِكْمَتِهِ، كَالْمَنِيِّ، فَإِنَّهُمَا مُتَقَارِبَانِ فِي الْمَعْنَى: فَإِنَّ أَحَدَهُمَا يُخْلَقُ مِنْهُ الْوَلَدُ، وَالْآخَرُ يُرَبِّيهِ وَيُغَذِّيهِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا يُوجَدُ مِنْ صَغِيرٍ، وَوُجُودُهُ عَلَمٌ عَلَى الْبُلُوغِ.
وَأَقَلُّ سِنٍّ تَبْلُغُ لَهُ الْجَارِيَةُ تِسْعُ سِنِين، فَكَانَ ذَلِكَ أَقَلَّ سِنٍّ تَحِيضُ لَهُ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: {إذَا بَلَغَتْ الْجَارِيَةُ تِسْعَ سِنِينَ، فَهِيَ امْرَأَةُ}. وَرُوِيَ ذَلِكَ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالْمُرَادُ بِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ الْمَرْأَةِ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: "رَأَيْت جَدَّةً بِنْتَ إحْدَى وَعِشْرِينَ سَنَةً"، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا حَمَلَتْ لِدُونِ عَشْرِ سِنِينَ، وَحَمَلَتْ ابْنَتُهَا لِمِثْلِ ذَلِكَ. انتهى.
وما دامت أختك قد حاضت بعد تلك السن، فما رأته من الدم هو علامة على بلوغها، وقد جرى عليها بذلك قلم التكليف.
فالواجب عليها أن تدع الصوم، والصلاة إذا رأت دم الحيض، والواجب عليها أن تغتسل بعد انقطاعه.
ويجب على أمّك أن تعلّمها صفة دم الحيض، وما تفعل إذا رأته، وكيف تعرف الطهر من الحيض، وكيف تغتسل من الحيض، ونحو ذلك من الأحكام الخاصة بالمرأة، والتي لا تصح عبادتها إلا بمعرفتها.
والله أعلم.