الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فننبهكم ابتداء إلى أمرين:
أولهما: إذا كان صاحبكم لا يقبل الزكاة لو علم أنها زكاة ــ كما فهمناه من السؤال ــ، فإنه لا تدفع له الزكاة؛ حتى يخبر بحقيقتها، كما بيناه في الفتوى: 265702، فأخبروه ابتداء أنها زكاة، فإن قبلها فذاك، وإلا فادفعوها لغيره من مصارف الزكاة.
ثانيهما: ما دام محتاجًا، فإنه ليس له أن يتصدق، وقد نصّ الفقهاء على أن المتصدق بما ينقص مؤنة من تجب عليه نفقتهم يأثم، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا يَنْقُصُ مُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَثِمَ، وَكَذَا لَوْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِغَرِيمِهِ، أَوْ بِكَفَالَتِهِ. اهــ.
وليس لكم أن تحتالوا عليه، فتأخذوا منه الصدقة، ثم تردوها إليه: لأنه إن كانت الصدقة تُنْقِصُ حاجته، فهو إثم، كما تقدم، ولا تجوز الإعانة على الإثم، وفعلكم هذا مخالف أيضًا لمقتضى العقد، ولو لم تكن الصدقة تُنْقِصُ مؤنته؛ لأنه حين وكّلكم بإخراج تلك الصدقة، فإنه لم يقصد نفسه، وأنتم تعلمون أنه لو علم بأنكم ستردونها عليه لما قبل، ولما وكَّلكم.
ومن المعلوم أنه لا يجوز للوكيل أن يخالف الموكِّل، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يجوز للوكيل أن يتصرف على خلاف قول الموكل، فإن خالف الوكالة، ضمن الوكيل للموكل. اهـ.
وفي الموسوعة الفقهية: الْوَكَالَةُ الْخَاصَّةُ هِيَ: مَا كَانَ إِيجَابُ الْمُوَكِّل فِيهَا خَاصًّا بِتَصَرُّفٍ مُعَيَّنٍ، كَأَنْ يُوَكِّل إِنْسَانٌ آخَرَ فِي أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً مُعَيَّنَةً. وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لاَ يَجُوزُ لِلْوَكِيل أَنْ يَتَصَرَّفَ إِلاَّ فِيمَا وُكِّل بِهِ، بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ. اهـ.
ولا يجوز لكم أيضًا أن تدفعوا تلك الصدقة نيابة عنه من مال الزكاة قبل أن يقبض منكم هو الزكاة؛ لأن مال الزكاة قبل أن يقبضه هو لا يملكه، ولا يزال المبلغُ زكاةً.
والزكاة لا تدفع في الصدقة عن الأموات، بل لها مصارف محددة لا تدفع في غيرها.
وكذا إذا قبض هو الزكاة، فإنه يملك المال، وليس لكم أن تتصرفوا فيما ملكه بغير إذنه.
والله أعلم.