الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت محتاجة للنفقة والدواء، فالواجب على أبيك أن ينفق عليك بالمعروف. وراجعي الفتوى: 25339، والفتوى: 420592.
وإذا كان أبوك قد وهبك قطعة الأرض، وحصل القبض؛ فقد ملكتِها، ولك التصرف فيها بالبيع وغيره دون علم أبيك، والإنفاق على نفسك من ثمنها.
وإذا كان المقصود بكتابة الأرض باسمك؛ الوصية لك بها بعد موته؛ فتلك وصية باطلة، فالوصية لا تجوز للوارث.
ويجوز لك إذا قدرتِ على شيء من ماله دون علمه أن تأخذيه لتنفقي على نفسك بالمعروف، جاء في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَلِمُسْتَحِقِّهَا أَيْ: النَّفَقَةِ، الْأَخْذُ مِنْ مَالِ مُنْفِقٍ بِلَا إذْنِهِ مَعَ امْتِنَاعِهِ مِنْ دَفْعِهَا، كَمَا يَجُوزُ لِزَوْجَتِهِ الْأَخْذُ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إذَا مَنَعَهَا النَّفَقَةَ؛ لِحَدِيثِ هِنْدَ: «خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ»، وَقِيسَ عَلَيْهِ سَائِرُ مَنْ تَجِبُ لَهُ. انتهى.
وإذا امتنع أبوك من الإنفاق الواجب، ولم تقدري على شيء من ماله؛ فلك رفع أمره للقضاء ليلزمه بالإنفاق عليك بالمعروف.
لكن على كل حال؛ فإنّ عليك برّ أبيك، ومصاحبته بالمعروف، ولو كان ظالمًا لك، فإن الله قد أمر بالمصاحبة بالمعروف للوالدين المشركين الذين يأمران ولدهما بالشرك، قال الله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ {لقمان:15}.
والله أعلم.