الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الغرض الأصلي من ذلك هو التداوي، وطلب علاج التسوس، فلا مانع من جعل هذه التركيبة بلون السن الأصلي أو ناصعة البياض.
وأما إذا كان الغرض الأصلي هو طلب الحسن وزيادة الجمال، فهذا مما ينهى عنه، ويمنع منه.
قال النووي في شرح مسلم: أما قوله: "المتفلجات للحسن" فمعناه يفعلن ذلك طلبا للحسن. وفيه إشارة إلى أن الحرام هو المفعول لطلب الحسن، أما لو احتاجت إليه لعلاج أو عيب في السن ونحوه، فلا بأس. اهـ.
وقد ذكر الدكتور صالح الفوزان في أطروحته للدكتوراه (الجراحة التجميلية عرض طبي ودراسة فقهية مفصلة. ص 497 ، 498) من جملة وسائل تجميل الأسنان وتقنياته: حشوات لون السن والقشرة التجميلية أو الأوجه الخزفية، وذلك من الناحية الطبية، ثم ذكر تحت عنوان: (الحكم الفقهي لتجميل الأسنان):
1ـ حكم حشوة لون السن (الحشوات البيضاء). واستظهر الجواز؛ إعمالا للأصل، ولكونها من أنواع التداوي .. ثم قال: لأن تحسين المظهر ليس هو المقصود الأصلي بل هو تابع للعلاج. أما إن كن المقصود الأصلي زيادة حسن الأسنان بوضع حشوة بيضاء لتطابق لون الأسنان الأخرى، مع عدم وجود تشوه ظاهر فقد يقال بعدم جواز هذه الحشوة، خاصة إذا ترتب على ذلك إزالة بعض مادة السن بالبرد؛ لأن هذه الصورة قد تدخل في الوشر المنهي عنه لأنه لغير حاجة. اهـ.
وقال تحت عنوان: (حكم تسوية الأسنان والقشرة التجميلية): ويجمع هذين الإجراءين أنهما يتضمنان إعادة تشكيل السن وتغيير مظهره، ببرده من جوانبه أو أعلاه؛ ليظهر في مظهر حسن. وبناء على ذلك فإن حكمهما يختلف باختلاف الغرض منهما، ولذلك حالتان:
أ) أن يكون الغرض علاج السن بسبب تسوسه أو كسره أو تغير لونه بشكل مشوه أو عدم انتظام صف الأسنان. وحكم هذه الحالة الجواز؛ لما تقدم من جواز تفليج الأسنان ووشرها إذا كان ذلك للعلاج. ويدل عليه حديث ابن مسعود: "المتفلجات للحسن" وكذا رواية: "إلا من داء" فالمقصود من تسوية الأسنان ووضع القشرة التجميلية في هذه الحالة العلاج، ولا يراد تغيير خلق الله تعالى.
ب) أن يكون الغرض زيادة حسن الأسنان، أو الظهور بمظهر معين تقليدا لشخص ما. ويظهر لي تحريم هذه الحالة؛ لما تشتمل عليه من تغيير الخلق المحرم، ذلك أن التسوية ووضع القشرة التجميلية يقتضي تحضير السن ببرده بآلات خاصة. وهذا من الوشر المحرم، وليس له حاجة طبيبة بل هو لزيادة الحسن. اهـ.
والله أعلم.