الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أن الصلاة مع مدافعة الأخبثين صحيحة مع الكراهة, والحنفية حملوا الكراهة على التحريم، كما ذكرنا في الفتوى رقم: 18415.
وقال ابن عابدين في رد المحتار أثناء الحديث عن هذا الموضوع: وما ذكره من الإثم صرح به في شرح المنية، وقال لأدائها مع الكراهة التحريمية. انتهى.
وقد علل الحنفية التحريم هنا بما يحصل من تشويش البال وشغل الخاطر, وهذه العلة منتفية في حبس البول خارج الصلاة، ففي حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح: قوله: ومدافعا لأحد الأخبثين، علة الكراهة المعقولة ما يحصل من تشويش البال وشغل الخاطر لأجل قضاء الحاجة المخل بالخشوع. انتهى.
لكن حبس البول والغائط وكذلك الريح يضرّ بالصحة, يقول ابن مفلح في الآداب الشرعية والمنح المرعية: ولهذا قال الأطباء: حبس الريح إذا أراد الخروج يورث الحصر وظلمة العين ووجع الفؤاد والرأس، وحبس البول يورث جميع هذه الأشياء مع الحصاة، وحبس البراز يورث ذلك كله. انتهى.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: فإن في حبس البول المستعد للخروج ضررا على المثانة، وعلى العصب التي تمسك البول، لأنه ربما مع تضخم المثانة بما انحقن فيها من الماء تسترخي الأعصاب، لأنها أعصاب دقيقة، وربما تنكمش انكماشا زائدا، وينكمش بعضها على بعض، ويعجز الإنسان عن إخراج البول، كما يجري ذلك أحيانا. انتهى.
وإذا ثبت أن الحبس مضر بالصحة, فإنه لا يجوز خارج الصلاة ولا الدخول فيها إذا كان يؤدي لحبسه المضر، لما في ذلك من تعريض النفس للهلاك, والله تعالى يقول: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا {النساء:29}.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ضرر، ولا ضرار. صححه الشيخ الألباني.
والله أعلم.