الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقد دلت النصوص على مشروعية الأذانين للفجر: الأول قبل طلوع الفجر؛ لأجل الاستعداد لصلاة الصبح، والثاني عند طلوع الفجر، إيذانا بدخول وقت صلاة الصبح.
وعليه، فما بين الأذانين هو من الليل، يجوز فيه ما يجوز في الليل، وقد قال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ نِدَاءُ بِلاَلٍ -أَوْ قَالَ أَذَانُهُ- مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّمَا يُنَادِي- أَوْ قَالَ يُؤَذِّنُ- لِيَرْجِعَ قَائِمَكُمْ ... متفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
قال الإمام النووي رحمه الله تعالى: وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ: أَيْ لِيَتَأَهَّبَ لِلصُّبْحِ أَيْضًا، بِفِعْلِ مَا أَرَادَ مِنْ تَهَجُّدٍ قَلِيلٍ، أَوْ إِيتَارٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ أَوْتَرَ، أَوْ سَحُورٍ إِنْ أَرَادَ الصَّوْمَ، أَوِ اغْتِسَالٍ، أَوْ وُضُوءٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ قَبْلَ الْفَجْرِ .. اهـ.
وأما وقت انتهاء ثلث الليل، فإنه ينتهي بطلوع الفجر، وليس بالأذان الأول، فقد جاء في حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، كُلَّ لَيْلَةٍ، فَيَقُولُ: مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ. رواه ابن ماجه.
ورواه مسلم بلفظ: فَلَا يَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُضِيءَ الْفَجْرُ.
وفي حديث ابن مسعود عند أحمد: إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَفْتَحُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ ثُلُثَ اللَّيْلِ الْبَاقِي، ثُمَّ يَهْبِطُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، ثُمَّ يَبْسُطُ يَدَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: أَلَا عَبْدٌ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ؟ حَتَّى يَسْطَعَ الْفَجْرُ.
والله أعلم.