الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تشمير الثوب أو كفت الكم في الصلاة منهي عنه على وجه الكراهة، ودليل النهي عنه حديث: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: على الجبهة، واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين، ولا نكفت الثياب ولا الشعر. أخرجه الشيخان وأصحاب السنن، إلا الترمذي، عن ابن عباس. وفي لفظ: ولا أكف ثوباً ولا شعراً.
وقال شراح الحديث كالطيبي والمناوي: لا نكفت: لا نضم ولا نجمع الثياب عند الركوع والسجود للصلاة، وقالوا: النهي عن كفها للكراهة لا للتحريم. اهـ.
والنهي عن كفت الثوب شامل للرجل والمرأة بالنسبة للثوب بخلاف الشعر فهو خاص بالرجل: جاء في أسنى المطالب: ويكره للمصلي ضم شعره وثيابه في سجوده, أو غيره لغير حاجة، لخبر الصحيحين: أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوبا ولا شعرا ـ أي لا أضمهما، فمن ذلك أن يعقص شعره, أو يرده تحت عمامته أو يشمر ثوبه, أو كمه, أو يشد وسطه أو يغرز عذبته, والحكمة في النهي عنه أن يسجد معه، سواء أتعمده للصلاة أم كان قبلها لمعنى: وصلى على حاله، قال الزركشي: وينبغي تخصيصه في الشعر بالرجل، أما في المرأة ففي الأمر بنقضها الضفائر مشقة وتغيير لهيئتها المنافية للتجميل، وبذلك صرح في الإحياء. اهـ
ويؤكد هذا أن المعنى الذي من أجله ورد النهي لا يختص بالرجال دون النساء، ففي فتح الباري لابن حجر: والحكمة في ذلك أنه إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبر. اهـ.
وفي تحفة المحتاج في شرح المنهاج: وحكمته منع ذلك من السجود معه. اهـ.
وفي حاشية الشرواني: والحكمة الشاملة أن في الكف مشابهة المتكبر. اهـ.
وعلى هذا، فإن النهي عن كف الثوب شامل للرجل والمرأة، بل إنه في حق المرأة أشد، لأنه قد يؤدي إلى كشف العورة فتبطل صلاتها بسبب ذلك، ومعلوم أن عورة المرأة الحرة في الصلاة جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين، وانظر الفتويين رقم: 99905، ورقم: 77474.
وللاطلاع على معنى الكفت المنهي عنه وبعض الأحاديث الواردة فيه راجعي الفتاوى التالية أرقامها: 17710، 21465، 18142.
والله أعلم.