الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فللأخ نوع ولاية على أخته إذا لم يكن لها أب، وهذه الولاية ليست تسلطًا، ولا تعنتًا، وإنما هي مسؤولية حفظ، ورعاية؛ ولذلك نص بعض الفقهاء على أن الفتاة إذا لم يكن لها أب، وأرادت الانفراد في السكن، فإن لوليها، وأهلها منعها من ذلك، قال ابن قدامة في المغني: إن كانت جارية لم يكن لها الانفراد، ولأبيها منعها منه؛ لأنه لا يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها، ويلحق العار بها، وبأهلها، وإن لم يكن لها أب، فلوليها، وأهلها منعها من ذلك. اهـ.
وإذا كان في خروجها ـ فضلًا عن مبيتها ـ خطر عليها، فلا بد من أن تستأذن إخوتها قبل خروجها، فقد سئل الشيخ ابن باز عن حكم خروج الفتاة بدون علم والدها للدعوة إلى الله، أو لزيارة المرضى، وفعل الخيرات...؟
فأجاب: نعم، لها الخروج للدعوة، وزيارة الأقارب، وعيادة المريض، بالتحفظ، والعفة، والتستر، والحجاب، لا بأس، وإن لم تستأذن والدها، إلا إذا كان في خروجها خطر، فلا بد من إذن والدها، وأخذ رأيه في الكيفية التي تخرج بها؛ حتى لا تقع في الخطر؛ لأن والدها مسؤولٌ عنها، وهكذا إخوتها. اهـ.
وقد أفتى المتأخرون من فقهاء الحنفية بولاية الضم لغير الأب عند عدمه، للأخ، والعم، وغيرهما من العصبات، وعللوا ذلك بأن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه، لا سيما من يلحقه عاره، وبأن ذلك أيضًا من أعظم صلة الرحم، والشرع أمر بصلتها، وبدفع المنكر ما أمكن؛ ولذلك سبق لنا التنبيه على أنه إذا لم يوجد الأب، أو الجد، فإن على الأخ إلزام أخته بالواجبات، وكفها عن المحرمات، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 259960.
وعلى ذلك؛ فإن تطيبت الأخت، وأرادت أن تخرج بهذا الطيب، فلأخيها منعها من الخروج؛ حتى تزيل هذا الطيب، كما أن له أن يمنعها من المبيت في مكان لا يأمن عليها فيه، أو يلحقها بسببه معرة، أو فتنة.
وختامًا فإننا نوصي الأخ السائل بتحري الحكمة في التعامل مع أخته، والرفق بها في الوعظ، والنصح، والحرص على تذكيرها بالله تعالى، وباليوم الآخر.
والله أعلم.