الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت تلفظت بصريح الطلاق، مدركاً، غير مغلوب على عقلك؛ فقد وقع طلاقك، ولو كان وقت الغضب الشديد.
قال الرحيباني الحنبلي -رحمه الله-: وَيَقَعُ الطَّلَاقُ مِمَّنْ غَضِبَ، وَلَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ فِي حَالِ غَضَبِهِ بِمَا يَصْدُرُ مِنْهُ مِنْ كُفْرٍ، وَقَتْلِ نَفْسٍ، وَأَخْذِ مَالٍ بِغَيْرِ حَقٍّ، وَطَلَاقٍ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
وعليه؛ فالطلقتان الصريحتان، نافذتان، وطلاق الثلاث الذي علقته، قد وقع بتأخر زوجتك عن الخروج أكثر من نصف الساعة، إذا لم تكن لك نية تخالف ظاهر قولك. وبذلك وحده تكون زوجتك قد بانت منك، بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجاً غيرك -زواج رغبة، لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد ثم يطلقها، أو يموت عنها، وتنقضي عدتها منه.
وهذا الذي نفتي به في طلاق الغضبان، والطلاق المعلق، هو قول جمهور أهل العلم، لكنّ بعض العلماء لا يوقع طلاق الغضبان إذا اشتد غضبه، ولا يوقع الطلاق المعلق إذا لم يقصد الزوج إيقاع الطلاق، وإنما قصد التهديد، أو التأكيد، أو المنع، وإنما تلزمه كفارة يمين، وراجع الفتوى رقم: 11566، والفتوى رقم: 11592
وبخصوص قولك لزوجتك: كل الذي بيننا انتهى، وعيشتنا مع بعض مش نافعة، ونحو ذلك من العبارات، فهي كنايات، تحتمل الطلاق وغيره، فإن نويت بها الطلاق، وقع، وإلا، فلا.
ولمعرفة ما تحصل به الرجعة شرعاً، راجع الفتوى رقم: 54195
والذي ننصحك به، أن تعرض مسألتك على من تمكنك مشافهته من أهل العلم، الموثوق بعلمهم، ودينهم.
وننبهك إلى أنّ الغضب مفتاح الشر، فينبغي الحذر منه، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي، قَالَ: " لَا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قَالَ: لَا تَغْضَبْ" رواه البخاري.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله-: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. جامع العلوم والحكم.
والله أعلم.