الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كانت أمّك أرضعت خالتك فقد صارت بنتًا لها من الرضاع، وصار جميع أولاد أمّك إخوة لخالتك من الرضاع، وانظري الفتوى رقم: 20386.
ولا عبرة بكون أختك التي رضعت مع خالتك غير شقيقة لك، ولكن العبرة بثبوت الرضاع، فإن ثبت فلا يجوز لأخيك أو غيره من أبناء أمّك أن يتزوج بنت خالتك؛ لأنه خال لها من الرضاع.
لكن أهل العلم اختلفوا في عدد الرضعات التي يحصل بها التحريم، فذهب الحنفية والمالكية والحنابلة - في رواية- إلى حصول التحريم برضعة واحدة، وذهب الشافعية والحنابلة في الصحيح من المذهب إلى اشتراط خمس رضعات للتحريم، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظري الفتوى رقم: 9790.
وعليه؛ فإن ثبت أنّ أمّك أرضعت خالتك خمس رضعات بشهادة مفصلة ثبت التحريم، وإلا فلا؛ قال ابن قدامة -رحمه الله-: "ولا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفسرة، فلو قالت: أشهد أن هذا ابن هذه من الرضاع. لا تقبل؛ لأن الرضاع المحرم يختلف الناس فيه، منهم من يحرم بالقليل، ومنهم من يحرم بعد الحولين، فلزم الشاهد تبيين كيفيته، ليحكم الحاكم فيه باجتهاده، فيحتاج الشاهد أن يشهد أن هذا ارتضع من ثدي هذه خمس رضعات متفرقات، خلص اللبن فيهن إلى جوفه، في الحولين" المغني لابن قدامة (8/ 192).
ولا يحصل التحريم مع الشك في عدد الرضعات؛ قال ابن قدامة: "وإذا وقع الشك في وجود الرضاع أو في عدد الرضاع المحرم هل كملا أو لا؟ لم يثبت التحريم؛ لأن الأصل عدمه، فلا تزول عن اليقين بالشك" المغني - (9 / 193).
والذي ننصح به: أن يفارق أخوك ابنة خالته ويطلقها، فهذا أحوط مراعاة لقول الحنفية والمالكية؛ قال الشيخ/ زكريا الأنصاري الشافعي -رحمه الله-: "لو شهدت واحدة أو أكثر ولم يتم النصاب بالرضاع بين رجل وامرأة، فالورع له أن يجتنبها بأن لا ينكحها إن لم يكن نكحها، ويطلقها إن نكحها لتحل لغيره، ويكره له المقام معها؛ لخبر البخاري: «عن عقبة بن الحارث أنه تزوج بنت ابن أبي إهاب، فأتته امرأة فقالت: قد أرضعتكما. فقال لها: لا أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني. فذكر ذلك لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: كيف وقد قيل؟! ففارقها ونكحت زوجًا غيره" أسنى المطالب في شرح روض الطالب (3/ 425). وانظري الفتوى رقم: 62386.
والله أعلم.