الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فان الحدود لا يقيمها إلا السلطان بعد ثبوت أسبابها أو نائبه، كما قال الحسن: أربعة إلى السلطان: الزكاة والصلاة والحدود والقضاء، وقال ابن العربي المالكي عند تفسير قوله تعالى: فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا [النور:2]، المسألة السادسة: لا خلاف أن المخاطب بهذا الأمر بالجلد الإمام ومن ناب عنه. اهـ
والواجب على ولي من زنى أن يستره ويحضه على التوبة والإكثار من الاستغفار والأعمال الصالحة، فقد قال الله تعالى: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ {آل عمران:135}، وقال تعالى: فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ {المائدة:39}.
وليس عليه حبسه انطلاقا من آية الحبس لأنه ليس مكلفا بإقامة الحد المحكم فأحرى المنسوخ، ولكن عليه أن يسعى بقدر طاقته في منع حصول المنكر وتغييره والترهيب منه، فإن النهي عن المنكر وتغييره مسؤولية كل من يراه ويقدر على تغييره، فعن أبي سعيد ـ رضي الله عنه ـ أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.
ويدخل في منع الولي ولده أو بنته من الزنى أن يمنعهما من الخروج لمكان يفعلان به الفاحشة، ويتأكد ذلك في حق النساء، فقد نص الفقهاء على أن الثيب يضمها وليها إليه إن كانت غير مأمونة حتى يحفظها ويمنعها من الفاحشة.
قال ابن عابدين ـ معلقا على القول بحق الأب في ضم بنته الثيب غير المأمونة ـ: ... والظاهر أن الجد كذلك؛ بل غيره من العصبات كالأخ والعم ولم أر من صرح بذلك، ولعلهم اعتمدوا على أن الحاكم لا يمكنه من المعاصي وهذا في زماننا غير واقع فيتعين الإفتاء بولاية ضمه لكل من يؤتمن عليه من أقاربه ويقدر على حفظه، فإن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه لا سيما من يلحقه عاره، وذلك أيضا من أعظم صلة الرحم، والشرع أمر بصلتها وبدفع المنكر ما أمكن. اهـ من حاشية ابن عابدين
والله أعلم.