الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فابنة الرجل كسائر أهله، فهو مسؤول عنهم أمام الله تعالى يوم القيامة، وقد ذكرنا الأدلة على ذلك في الفتوى رقم 123610. وينبغي أن يحرص الأب على تعويد ابنته على لبس الحجاب منذ الصغر لتتعود عليه، فيسهل عليها إذا كبرت، وانظر الفتوى رقم: 70105. وإذا كبرت، ولم ترتض الالتزام بالحجاب فالأولى أن يحاول إقناعها به بالحسنى، وهنالك بعض وسائل الإقناع مذكورة في الفتوى رقم: 206068، والفتوى رقم: 63625. وإذا أصرت على الامتناع عن لبسه ألزمها به، ومنعها من الخروج بدونه؛ لأنه صاحب السلطان على أهله، ومن كان كذلك فإنه ينكر المنكر بيده، قال الشيخ ابن باز: يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» فبين صلى الله عليه وسلم مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الثلاث: - المرتبة الأولى: الإنكار باليد مع القدرة، وذلك بإراقة أواني الخمر، وكسر آلات اللهو، ومنع من أراد الشر بالناس وظلمهم من تنفيذ مراده إن استطاع ذلك كالسلطان ونحوه من أهل القدرة، وكإلزام الناس بالصلاة، وبحكم الله الواجب اتباعه ممن يقدر على ذلك، إلى غير هذا مما أوجب الله. وهكذا المؤمن مع أهله وولده، يلزمهم بأمر الله ويمنعهم مما حرم الله باليد إذا لم ينفع فيهم الكلام ... اهـ. وهذا فيما يتعلق بالأب.
وأما الأخ - مع وجود الأب - فإنه يكتفي بالنصح بالحسنى، والتخويف بالله تعالى. فإن فعل فقد أدى الذي عليه؛ فليس من شأنه الإنكار باليد عند وجود الأب؛ فإن ذلك من شأن الأب كما أسلفنا. وإن رجا أن ينفعها الهجر فليهجرها. ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى رقم: 218326.
وإذا لم يوجد الأب أو الجد فإن على الأخ إلزام أخته بالواجبات وكفها عن المحرمات، فقد أفتى العلماء بأن على الأخ منع أخته من المنكر، والمحافظة عليها من الفساد، قال ابن عابدين معلقا على القول بحق الأب في ضم بنته الثيب غير المأمونة: والظاهر أن الجد كذلك، بل غيره من العصبات كالأخ والعم ولم أر من صرح بذلك، ولعلهم اعتمدوا على أن الحاكم لا يمكنه من المعاصي، وهذا في زماننا غير واقع، فيتعين الإفتاء بولاية ضمه لكل من يؤتمن عليه من أقاربه ويقدر على حفظه، فإن دفع المنكر واجب على كل من قدر عليه لا سيما من يلحقه عاره، وذلك أيضا من أعظم صلة الرحم، والشرع أمر بصلتها وبدفع المنكر ما أمكن. اهـ.
وإذا لم يقم الأب بما يجب عليه تجاه ابنته كان مسؤولا عن ذلك، وقد يحاسب عليه أمام الله تعالى يوم القيامة. وكذلك الحال بالنسبة للأخ - في حال عدم قيام الأب بواجبه - فإذا فرط الأخ، ولم يقم بواجبه، كان مسؤولا عن ذلك. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من فروض الكفايات، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين. وراجع الفتوى رقم: 130218.
والله أعلم.