الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنحذرك أيتها السائلة من الاسترسال مع الوساوس، واعلمي أن من أهم وسائل التغلب على الوساوس بعد الاستعانة بالله عز وجل الإعراض والتلهي عنها، وقد ذكرنا بعض الوسائل المعينة للتغلب عليها في الفتويين رقم: 51601، ورقم: 3086.
كما يمكنك الاستفادة من قسم الاستشارات بموقعنا، واعلمي كذلك أن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وقد كان يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع، وفي صحيح مسلم عن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد.
والمد يقدر بملء كفي الرجل المعتدل، وهو ربع الصاع.
وفي صحيح البخاري عن أبي جعفر: أنه كان عند جابر بن عبد الله هو وأبوه وعنده قوم فسألوه عن الغسل، فقال: يكفيك صاع، فقال رجل ما يكفيني، فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعرا وخير منك.
ولعل هذا مما يعينك على الإعراض عن الوساوس.
ثم اعلمي أن المعتبر في إجزاء الغسل ليس هو قوة رش الماء ولا كثرته ولا طول صبه، وإنما المعتبر جريان الماء على العضو كاملاً، فإذا حصل جريان الماء على العضو فقد كفى ولو كان الماء قليلاً، وانظري الفتوى رقم: 107335.
وننصحك بعدم الإسراف في الماء عند غسل القدمين، قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن قوله تعالى: فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجلكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ {المائدة:6} على قراءة الجر في كلمة: أرجلكم ـ وقد ذكر المسح على الرجلين تنبيه على قلة الصب في الرجل، فإن السرف يعتاد فيهما كثيرا.
وأما مسح الرأس: فلا يشترط فيه الإسالة أو الجريان أو التقاطر، فالفرق بين المسح والغسل: أن المسح لا يحتاج إلى جريان الماء، بل يكفي أن يغمس يده في الماء. الشرح الممتع.
وعلى ذلك، فيكفي فيه أن تكون اليد مبللة بالماء أدنى بلل.
وأما بخصوص البياض الذي في أعلى الأذن فليس من الوجه وإنما من الرأس، جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: وَالْبَيَاضُ فَوْقَهُمَا ـ أَيْ فَوْقَ الْأُذُنَيْنِ ـ دُونَ الشَّعْرِ مِنْهُ أَيْ: مِنْ الرَّأْسِ أَيْضًا.
ولمزيد الفائدة عن حدود الوجه انظري الفتوى رقم: 243748.
والله أعلم.