الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام هناك سبيل للعلاج ولو احتمالا فلا يجوز للطبيب تركه، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 176419.
ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 19923.
وقد صدرت عن المؤتمر العالمي الأول للطب الإسلامي وثيقة معروفة بدستور الطب الإسلامي، جاء في باب حرمة الحياة الإنسانية: لحياة الإنسان حرمتها ولا يجوز إهدارها إلا في المواطن التي حددتها الشريعة الإسلامية، وهذه خارج نطاق المهنة الطبية تماماً، ويحرم على الطبيب أن يهدر الحياة ولو بدافع الشفقة، فهذا حرام، لأنه خارج ما نص عليه الشرع من موجبات القتل، بجانب ما يستدل عليه من قول رسول الله صل الله عليه وسلم: كان فيمن قبلكم رجل به جرح فجزع، فأخذ سكينا فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات، فقال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة ـ البخاري ومسلم. التخلص من الحياة أو التخليص منها بدعوى الألم الشديد في الأمراض الميئوس من شفائها دعوة لا تجد سندا إلا في المنطق الإلحادي الذي يجعل مذهبه هو: إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا { الأنعام: 29} ويفوته أن الدنيا مرحلة تتلوها الأخرى، ولو صح هذا المنطق لربما كان أغلب الناس يفضلون الانتحار تخلصا من آلام الحياة ومتاعبها، وأي حياة تخلو من الآلام! أما التخلص من الألم فلا يوجد حتى في أقسى الأمراض ألما مما لا يمكن التغلب عليه إما بالدواء وإما بالجراحة العصبية... وحياة الإنسان محترمة في كافة أدوارها، وتنسدل هذه الحرمة على الحياة الجنينية في رحم الأم فلا يجوز للطبيب أن يهدر حياة الجنين إلا عند الضرورة الطبية القصوى التي تعتبرها الشريعة الإسلامية... والطبيب في دفاعه عن الحياة مطالب بأن يعرف حده ويقف عنده، فإذا تأكد لديه أن من المحال ـ حسب المعطيات العلمية ـ السلوك بالمريض إلى الحياة استحالة بينة فإن مما لا طائل وراء الإغراق في المحافظة على الكيان النباتي للمريض بوسائل الإنعاش الصناعية أو بحفظه مجمدا أو غير ذلك من وسائل، لأن المطلوب هو بقاء الحياة لا إطالة عملية الموت، ولأن الموت حق، ولكن ليس للطبيب أن يقوم بخطوة إيجابية من أجل إماتة المريض، وعلى الطبيب أن يبذل جهده في أن يجتاز المريض ما بقي له من العمر في حسن رعاية وفي غير ألم ولا عذاب، بما تهيأ له من وسائل الرعاية والعلاج... اهـ.
والله أعلم.