الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد ذكر الفقهاء أن الخوف على النفس يعتبر من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة، كما قال الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ في الأم: فَإِنْ كَانَ خَائِفًا إذَا خَرَجَ إلَى الْجُمُعَةِ أَنْ يَحْبِسَهُ السُّلْطَانُ بِغَيْرِ حَقٍّ كَانَ لَهُ التَّخَلُّفُ عَنْ الْجُمُعَةِ. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني في الأعذار المبيحة لترك الجمعة والجماعة: وَيُعْذَرُ فِي تَرْكِهِمَا الْخَائِفُ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْعُذْرُ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ ـ وَالْخَوْفُ، ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ، خَوْفٌ عَلَى النَّفْسِ، وَخَوْفٌ عَلَى الْمَالِ، وَخَوْفٌ عَلَى الْأَهْلِ، فَالْأَوَّلُ، أَنْ يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ سُلْطَانًا يَأْخُذُهُ، أَوْ عَدُوًّا، أَوْ لِصًّا، أَوْ سَبُعًا، أَوْ دَابَّةً، أَوْ سَيْلًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ، مِمَّا يُؤْذِيهِ فِي نَفْسِهِ. اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى اعْتِبَارِ الْخَوْفِ مِنَ الظَّالِمِ عُذْرًا مِنَ الأْعْذَارِ الْمُبِيحَةِ لِتَرْكِ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ، لأِنَّ الأْمْنَ مِنَ الظَّالِمِ شَرْطٌ فِيهِمَا، فَكُل مَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عِرْضِهِ أَوْ مَالِهِ، أَوْ مَال غَيْرِهِ مِمَّنْ يَلْزَمُهُ الذَّبُّ عَنْهُ أَوْ خَافَ عَلَى دِينِهِ كَخَوْفِهِ إِلْزَامَ قَتْل رَجُلٍ أَوْ ضَرْبِهِ، أَوْ أَنْ يُحْبَسَ بِحَقٍّ لاَ وَفَاءَ لَهُ عِنْدَهُ، لأِنَّ حَبْسَ الْمُعْسِرِ ظُلْمٌ، فَكُل مَنْ كَانَ هَذَا حَالُهُ يُعْذَرُ فِي تَخَلُّفِهِ عَنِ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ. اهـ.
فإن خفت على نفسك من الضرر إن صليت في تلك الأماكن ولم توجد جماعة تصلي الجمعة في مسجد تأمن فيه على نفسك عند الذهاب إليه فنرجو أن لا حرج عليك في التخلف عنها, ومتى زالت أسباب الخوف وجب عليك المحافظة عليها, ونسأل الله تعالى أن ينصر الحق وأهله، ويخذل ويُخزِيَ الباطل وجنده.
والله أعلم.