الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أن الحلف بالطلاق -سواء أريد به الطلاق، أو التهديد، أو المنع، أو الحث، أو التأكيد- ، يقع به الطلاق عند الحنث، وهذا مذهب جمهور العلماء؛ وأما شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فيرى أنّ حكم الحلف بالطلاق الذي لا يقصد به تعليق الطلاق، وإنما يراد به التهديد، أو التأكيد على أمر، حكم اليمين بالله، فإذا وقع الحنث لزم الحالف كفارة يمين، ولا يقع به طلاق؛ وانظر الفتوى رقم: 11592.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنك إذا حنثت في يمينك، فلم تنفذ ما حلفت عليه من الاتصال بالرجل، ومعاتبته، فإن زوجتك تطلق. وحصول الحنث في يمينك يتوقف على نيتك عند الحلف، فإن كنت نويت وقتا محددا (لا تتجاوزه) للاتصال بالرجل، فإنك إذا جاوزت هذا الوقت ولم تتصل به وقع الطلاق، وأما إذا لم تكن نويت وقتا محددا للاتصال بالرجل، فلا يحصل الحنث إلا بفوات آخر زمان الإمكان، وهو وقت موت أحدكما، ويرى المالكية أن الحالف إذا عزم على عدم فعل المحلوف عليه حصل الحنث فور العزم.
قال ابن قدامة الحنبلي (رحمه الله): وكذلك لو قال: إن لم أعتق عبدي، أو إن لم أضربه، فامرأتي طالق. وقع بها الطلاق في آخر جزء من حياة أولهم موتا. فأما إن عين وقتا بلفظه، أو بنيته، تعين، وتعلقت يمينه به. المغني لابن قدامة.
وقال عليش المالكي -رحمه الله-: وَالْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، كَعَدَمِ الْفِعْلِ. فَفِي الْجَوَاهِرِ: إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي يَكُونُ مُظَاهِرًا عِنْدَ الْيَأْسِ، أَوْ الْعَزْمُ عَلَى عَدَمِ التَّزْوِيجِ. منح الجليل شرح مختصر خليل.
وفي حال وقوع هذا الطلاق ولم يكن مكملا للثلاث، فلك أن تراجع زوجتك قبل انقضاء عدتها؛ ولمعرفة ما تحصل به الرجعة راجع الفتوى رقم: 54195.
أما على قول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإنك إذا كنت حلفت لا بقصد الطلاق ولكن بقصد التأكيد، فلك أن تترك الاتصال بالرجل، ولا يلزمك طلاق، ولكن تلزمك كفارة يمين مبينة في الفتوى رقم: 2022.
وننصحك بالابتعاد عن الحلف بالطلاق مستقبلا؛ لثبوت النهي عنه؛ ولأنه من أيمان الفساق، وقد يترتب على ذلك ما لا تحمد عقباه فتندم حين لا ينفع الندم.
والله أعلم.