الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما الأدلة: فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم كما في البخاري وغيره: لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن، ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم، وليس أن يقول الفجر، أو الصبح، وقال بأصابعه، ورفعها إلى فوق، وطأطأ إلى أسفل، حتى يقول: هكذا. وثبت في الصحيحين أيضًا قوله صلى الله عليه وسلم: إن بلالًا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم.
قال في التمهيد: وفي هذا الحديث من الفقه الأذان بالليل لصلاة الصبح؛ إذ لا أذان عند الجميع للنافلة في صلاة الليل ولا غيرها, ولا أذان إلا للفرائض المكتوبات.
قال ابن بطال: واختلف العلماء في جواز الأذان للصبح قبل طلوع الفجر، فأجاز ذلك طائفة، وهو قول مالك، والأوزاعي، وأبي يوسف، والشافعي، وأحمد، وإسحاق.
وقال ابن دقيق العيد: وفي الحديث دليل على جواز الأذان للصبح قبل دخول وقتها, ذهب إليه مالك والشافعي, والمنقول عن أبي حنيفة خلافه؛ قياسًا على سائر الصلوات.
وقال العراقي في طرح التثريب: فيه جواز الأذان للصبح قبل دخول وقتها, وبه قال مالك, والشافعي, وأحمد, والأوزاعي, وعبد الله بن المبارك, وإسحاق بن راهويه, وأبو ثور, وداود, والجمهور.
أما وقته: فمحل خلاف بين أهل العلم, فقيل: وقته حين يذهب نصف الليل, وقيل: في ثلث الليل الأخير, وقيل: في السدس الأخير.
قال ابن بطال: وقال ابن حبيب: يؤذن للصبح وحدها قبل الفجر، وذلك واسع،... من نصف الليل، وذلك آخر أوقات العشاء إلى ما بعد ذلك, وقال ابن وهب: لا يؤذن لها قبل السدس الآخر من الليل، وقاله سحنون.
وقال في التاج والإكليل: ابن وهب: يؤذن لها من سدس الليل, ابن حبيب: من نصف الليل، الوقار: من آخر وقت صلاة العشاء.
وقال في العرف الشذي: قال النووي: يجوز التقديم إلى نصف الليل, وقال غيره: بتقديمه إلى سدس الليل الآخر.
والله أعلم.