الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن مسألة اقتداء المأموم بالإمام إذا كان بينهما حائل يمنع رؤية الإمام، ومن وراءه، مسألة اختلف فيها العلماء خلافا طويل الذيل: وإليك جملة ما للمذاهب فيها:
أما الحنفية فيصح عندهم الاقتداء مطلقا، وكذلك عند المالكية يصح الاقتداء مطلقا إذا كان المقتدي يرى الإمام أو المأموم أو أحدهما، أو يسمع التكبير.
وفصل الشافعية فرأوا صحة الصلاة مع الحائل إن كانت في المسجد ولو كان أحدهما فوق سطحه أو في بيت منه، فإن كانت خارج المسجد لم تصح إن كان الحائل يمنع العبور والرؤية، وإلا صحت، فإن منع العبور دون الرؤية فقد اختلفوا هل تصح أولا.
وعند الحنابلة روايتان عن الإمام أحمد بالصحة وعدمها.
ثم إن اتصال الصفوف لا يشترط على الراجح لصحة الصلاة، وإن كان إتمام الصفوف فضيلة عظيمة الأجر والمكانة لا ينبغي للمسلم أن يفرط فيها .
وبهذا تعلم أن اقتداءك بإمام الحرم وأنت في الفندق مسألة اختلاف بين أهل العلم لوجود الحائل، وكثير من أهل العلم على صحتها كما تبين، وتعلم كذلك أن صلاتك في الساحات المحيطة بالمسجد إن كان لا يحول بينك وبين الإمام حائل يمنع من الرؤية فهي صحيحة، ويشترط بعض العلماء ألا تزيد المسافة بينك وبين آخر مقتد على ثلاثمائة ذراع، وإن كان ثمت حائل فيجري فيه ما في الفندق.
أما إحرامك في تلك الساحات خوف فوات الصلاة فلا إشكال فيه عند عدم الحائل، و لكنه ليس عذرا عند من يرى عدم صحة الاقتداء عند وجود الحائل، وللتوسع في هذه الأقوال ونسبتها إلى قائليها راجع الفتوى رقم: 9605.
ويجري هذا التفصيل في حكم اقتداء المرأة, أما عن منع الزوجة، فإنه يجوز للزوج أن يمنع زوجته من الخروج للصلاة في المسجد، إلا أن الأولى تركها لقوله صلى الله عليه وسلم: لا تمنعوا إماء الله مساجد الله. متفق عليه. لكن خروجها مشروط بالمبالغة في الستر ، وأمن الفتنة، وعدم مزاحمة الرجال، وعدم استعمال الطيب والزينة في خروجها. وراجع لمزيد البيان الفتوى رقم: 40033.
وعلى هذا فإن كانت زوجتك تزاحم الرجال أو تخشى عليها الفتنة في خروجها فإن عليك أن تمنعها - وصلاتها في بيتها أفضل - بل خروجها لها والحالة هذه محرم .
والله أعلم.