الحمد لله والصلاة والسلام على رسول اله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن استقرار الحياة الزوجية أمر يحرص الإسلام على تحصيله بين الزوجين، وعقد الزواج إنما يقصد للدوام ليتسنى للزوجين بناء أسرة فاعلة تكون عضواً في بناء المجتمع المسلم، وليتمكنا من تربية أولادهما تربية صحيحة.
ولهذا كانت الصلة بين الزوجين من أعظم الصلات وأوثقها، فقد سمى الله تعالى العقد بينهما بالميثاق الغليظ، فقال تعالى: (وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً) [النساء:21].
وكل ما يضعف هذه الصلة والعلاقة الوثيقة فإن الإسلام يبغضه، فعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود وغيره. وعن بريدة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ليس منا من خبّب امرأة على زوجها" ومعنى خبّبها أي: أفسدها.
ولهذا نهى الزوجة أن تطلب الطلاق من غير سبب مقتض لذلك، فعن ثوبان رضي الله عنه: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أيما امرأة سألت زوجها طلاقها من غير بأس، فحرام عليها رائحة الجنة" رواه أبو داود والترمذي.
وقد اختلف العلماء في حكم الطلاق، فمنهم من منعه إلا للضرورة القصوى، ومنهم من أجازه، ومنهم من قسمه إلى أقسام أحكام الشرع الخمسة: الحرمة، والوجوب، والكراهة، والندب، والإباحة.
وقال الأحناف: إنه لا يجوز إلا للحاجة، لأن في الطلاق كفراً للنعمة، فإن الزواج نعمة من نعم الله تعالى، وكفران النعمة حرام.
والخلاصة: أن الإسلام يبغض الطلاق لغير سبب، وأن عقد الزواج القصد منه استمرار العشرة الزوجية والمودة بينهما، فإذا استحالت العشرة والمودة، فقد جعل الإسلام الطلاق حلاً أخيراً بعد أن تستنفد كل وسائل العلاج الأخرى، وآخر الدواء الكي.
وعليه، فإذا كنت طلقت زوجتك لسبب يقتضي ذلك، ثم أعطيتها جميع حقوقها، فقد أحسنت، لأن الله تعالى يقول: (فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) [البقرة:229].
والله أعلم.