الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز مخالفة ما اتفق عليه في العقد وعمل أمتار مكسرة وأخذ ثمن سليمة، لقولة تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا {الإسراء:34}.
أي الذي تعاهدون عليه الناس، والعقود التي تعاملونهم بها، فإن العهد والعقد كل منهما يُسأل صاحبه عنه، وقوله أيضا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}.
وقوله: لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ {النساء: 29}.
وقوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون عند شروطهم فيما أحل. رواه الطبراني.
وبناء عليه، فلا يجوز لك البقاء في العمل إذا كان البقاء فيه يستلزم فعل ما ذكرت من غش وخديعة وأكل لأموال الناس بالباطل، ولا اعتبار لكون ذلك الفعل لم يضر أحدا ولن يضره، وإنما العبرة بالعقد، ولا يغرنك كثرة ما تحصيلنه من كسب وامتيازات في هذه المهنة، مقارنة بما قد تحصلينه من غيرها من العمل المباح، قال الله تعالى: قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ {المائدة:100}.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ـ وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ـ ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه، حرام، وملبسه حرام وغذي بالحرام، فأنى يستجاب له. رواه مسلم.
والله أعلم.