الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في استحباب رفع الصوت في الأذان، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: الْمُؤَذِّنُ يُغْفَرُ لَهُ مَدَّ صَوْتِهِ، وَيَشْهَدُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ. رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ .
قال الشوكاني رحمه الله: وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ مَدِّ الصَّوْتِ فِي الْأَذَانِ لِكَوْنِهِ سَبَبًا لِلْمَغْفِرَةِ وَشَهَادَةِ الْمَوْجُودَاتِ، وَلِأَنَّهُ أَمْرٌ بِالْمَجِيءِ إلَى الصَّلَاةِ فَكُلُّ مَا كَانَ أَدْعَى لِإِسْمَاعِ الْمَأْمُورِينَ بِذَلِكَ كَانَ أَوْلَى «وَلِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي مَحْذُورَةَ ارْجِعْ فَارْفَعْ صَوْتَك» وَهَذَا أَمْرٌ بِرَفْعِ الصَّوْتِ. انتهى.
فلا التفات لكراهة هؤلاء القوم رفعك صوتك في الأذان لأنها كراهة لأمر مشروع، فينبغي أن يناصحوا وتبين لهم السنة في هذا، نعم لو وجد من هو أحسن منك صوتا فينبغي أن يتولى هو التأذين جمعا بين المصالح، ولأن حسن الصوت أمر مطلوب في المؤذن. قال ابن قدامة: وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ صَيِّتًا، يُسْمِعُ النَّاسَ «وَاخْتَارَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَا مَحْذُورَةَ لِلْأَذَانِ» لِكَوْنِهِ صَيِّتًا، وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهُ: أَلْقِهِ عَلَى بِلَالٍ؛ فَإِنَّهُ أَنْدَى صَوْتًا مِنْك» وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ حَسَنَ الصَّوْتِ؛ لِأَنَّهُ أَرَقُّ لِسَامِعِهِ. انتهى.
فإن لم يوجد من هو حسن الصوت يتولى التأذين فامض على ما أنت عليه من التأذين غير ملتفت إلى كراهة هؤلاء الناس.
والله أعلم.