الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فأما لفظة ربي فيجوز فيها إسكان الياء وفتحها كما هو معلوم عند النحاة. وأما لفظة العظيم والتي يظهر تعلق السؤال بها فهي بالخفض صفة لربي، ويجوز فيها القطع فتنصب بفعل مضمر محذوف وترفع خبرا لمبتدأ محذوف، فيصح فيها لغة الأوجه الثلاثة، وقد عقد ابن مالك هذا البحث في الخلاصة بقوله:
واقطع أو اتبع إن يكن معيّنا ... بدونها أو بعضها اقطع معلنا
وارفع او انصب إن قطعت مضمرا ... مبتدأ أوناصباً لن يظهرا
وأما تعمد اللحن في الذكر والإتيان به على وجه لا تحتمله اللغة فهو مما لا ينبغي وإن كانت الصلاة لا تبطل به، ولم نر من تعرض لمسألة اللحن في الأذكار كالتسبيحات ونحوها، لكن قد اختلف فقهاء الشافعية في اللحن في التأمين إذا أتى بالميم مشددة هل تبطل صلاته أو لا، وصحح النووي أنها لا تبطل فهكذا سائر الأذكار والعلم عند الله تعالى.
قال في شرح المهذب: وَقَالَ صَاحِبُ التَّتِمَّةِ لَا يَجُوزُ التَّشْدِيدُ فَإِنْ شَدَّدَ مُتَعَمِّدًا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجُوَيْنِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ وَالشَّيْخُ نَصْرٌ الْمَقْدِسِيُّ لَا تَعْرِفُهُ الْعَرَبُ وَإِنْ كَانَتْ الصَّلَاةُ لَا تَبْطُلُ بِهِ لِقَصْدِهِ الدُّعَاءَ. وَهَذَا أَجْوَدُ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ التَّتِمَّةِ. انتهى.
وأما تسكين كلمة العظيم عند الوصل فليس لحنا، بل له وجه سائغ في اللغة وهو أن يكون من الوصل على نية الوقف، وله شواهد كثيرة في فصيح الكلام بل أفصحه، فمن ذلك قراءة قنبل عن ابن كثير: وجئتك من سبأ بنبأ يقين. بتسكين الهمزة من سبأ، قال مكي رحمه الله: ومن أسكن الهمزة فعلى نية الوقف. انتهى.
وفي حاشية الصبان: وأما قراءة قنبل: {إِنَّهُ مَنْ يَتَّقيِ وَيَصْبِرْ} [يوسف: 90] ، بإثبات الياء وتسكين الراء فقيل: من موصولة وتسكين يصبر للتخفيف أو الوصل بنية الوقف. وشواهده كثيرة كما قلنا.
والله أعلم.