الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تقدير يسيرالعورة المعفو عنه في الصلاة مختلف فيه، فقيل هو ما يعد يسيرا عرفا، وقيل هو ما كان قدر رأس الخنصر، وقيل ما لا يفحش في النظر. قال المرداوي في الإنصاف في فقه الإمام أحمد: قدر اليسير ما عد يسيرا عرفا على الصحيح من المذهب، وقال بعض الأصحاب اليسير من العورة ما كان قدر رأس الخنصر وجزم به في المبهج. قال ابن تميم: ولا وجه له وهو كما قال . انتهى. وقال ابن قدامة بعد أن ذكر أدلة القول بالعفوعن ظهور يسير العورة في الصلاة:واليسير ما لا يفحش والمرجع في ذلك إلى العادة؛ إلا أن المغلظة يفحش منها ما لا يفحش من غيرها فيعتبر ذلك في المانع من الصلاة. انتهى. وفي الروض المربع: ومن انكشف بعض عورته في الصلاة ـ رجلا كان أو امرأة ـ وفحش عرفا وطال الزمن أعاد، وإن قصر الزمان أو لم يفحش المكشوف ولو طال الزمن لم يعد إن لم يتعمده. انتهى.
فإذا تبين لك أن الذي يترجح من كلام هؤلاء الفقهاء هو أن الضابط في تحديد يسيرالعورة هو العرف، فما اعتبره الناس من ذوي الفطر السليمة وأهل المروءة ، في عرفهم وعادتهم كثيرا فهو كثير، وما اعتبروه يسيرا فهو يسير، وقدر الأنملة يسير إذا كان بعيدا من العورة المغلظة كما هو الحال في سؤالك.
قال العلامة ابن عثيمين في شرحه للزاد: ثم إن الفُحْشَ يختلف باختلاف المنكشف، فلو انكشف شيء من أسفل الفخذ مما يلي الرُّكبة على قَدْر الظُّفر، وانكشف على السَّوأتين نفسِهِما على قَدْر الظُّفر لعُدَّ الثاني فاحشاً، والأول غير فاحش. فإذاً اختُلف باعتبار المكان الذي انكشف، وبناءً على ذلك يوجد بعض الناس يكون عليهم «بنطلون» ، ثم إذا سجد انكشف بعضُ الظَّهر من أسفل الظَّهر بعيداً عن الدُّبُر، فإذا كان انكشافاً يسيراً في العُرف، كأن يكون كخطِّ الإصبع مثلاً، فهذا يسير لا يضرُّ، أما إذا كان السِّروال قصيراً ثم لمَّا سجد انكشف منه كثيرٌ فهذا فاحش. انتهى.
والله أعلم.