الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 70390، وما أحيل عليه فيها أنواع الصور وحكم كل نوع، والأدلة على ذلك، وأن الراجح في الصور الفوتوغرافية الجواز ما لم يعرض فيها ما يحرمها، كأن تكون الصورة لامرأة متبرجة أو لقصد التعظيم، كما بينا عدم جواز تعليق الصور الفوتوغرافية لذوات الأرواح، لأن ذلك يؤدي إلى تعظيمها، سواء كانت باتجاه القبلة أم غيرها, وإذا تبين هذا فالجواب عن السؤال الأول والثالث لا يشرع تعليق الصور في الحائط لما تقدم، ويكره للمصلي أن يصلي وهي أمامه لا سيما إن كانت صورة محرمة كصور النساء المتبرجات والصور المنحوتة.
والجواب عن السؤال الثاني إذا لم تكن الصورالموجودة في الكتب والمجلات معلقة ولامكشوفة بحيث يراها المصلي أمامه فقد انتفت الكراهة من حيث عدم التعليق وعدم شغلها عن الحضور في الصلاة، وبقيت كراهة وجود الصورفي المنزل إذا لم تكن لحاجة أو ضرورة.
والجواب عن السؤال الأخير لا ينبغي للمسلم ترك لعبة البنات أمامه في المكان الذي يصلي فيه حتى لا تلهيه وتشغله عن الصلاة، وإن كان اتخاذها مباحا، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 20943.
فقد نص الفقهاء على كراهة الصلاة إلى كل ما يلهي ويشغل القلب عن الحضور والخشوع، واتفقوا على الكراهة إذا كانت الصورة محرمة وكانت في القبلة، لأنه يشبه سجود الكفار لأصنامهم، ففي الموسوعة الفقهية: اتّفقت كلمة الفقهاء على أنّ من صلّى وفي قبلته صورة حيوان محرّمة فقد فعل مكروها، لأنّه يشبه سجود الكفّار لأصنامهم، وإن لم يقصد التّشبّه، لا إن كانت الصّورة في غير القبلة: كأن كانت في البساط، أو على جانب المصلّي في الجدار، أو خلفه، أو فوق رأسه في السّقف، فقد اختلفت كلمتهم في ذلك، فقال الحنفيّة: يكره للمصلّي لبس ثوب فيه تماثيل ذي روح، وأن يكون فوق رأسه، أو بين يديه، أو بحذائه يمنة أو يسرة، أو محلّ سجوده تمثال، واختلف فيما إذا كان التّمثال خلفه والأظهر الكراهة، ولا يكره لو كانت تحت قدميه، أو محلّ جلوسه إن كان لا يسجد عليها، أو في يده، أو كانت مستترة بكيس، أو صرّة أو ثوب، أو كانت صغيرة، لأنّ الصّغيرة لا تعبد، فليس لها حكم الوثن، ونصّ الشّافعيّة على أنّه يكره للمصلّي أن يلبس ثوباً فيه تصوير، وأن يصلّي إليه، أو عليه، ونصّ الحنابلة على أنّه تكره الصّلاة إلى صورة منصوبة، نصّ عليه أحمد، ولا تكره إلى غير منصوبة، ولا يكره سجود ولو على صورة، ولا صورة خلفه في البيت، ولا فوق رأسه في السّقف، أو عن أحد جانبيه. انتهى.
وقال النووي عند شرح حديث عائشة الثابت في الصحيحين: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى فِي خَمِيصَةٍ لَهَا أَعْلَامٌ فَنَظَرَ إِلَى أَعْلَامِهَا نَظْرَةً فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ اذْهَبُوا بِخَمِيصَتِي هَذِهِ إِلَى أَبِي جَهْمٍ وَأْتُونِي بِأَنْبِجَانِيَّةِ أَبِي جَهْمٍ فَإِنَّهَا أَلْهَتْنِي آنِفًا عَنْ صَلَاتِي ـ قال: فيه الحث على حضور القلب في الصلاة وتدبر ما ذكرناه ـ أي من أَذْكَارِهَا وَتِلَاوَتِهَا وَمَقَاصِدِهَا ـ ومنع النظر إلى ما يشغل، وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به، وكراهية تزويق محراب المسجد، وحائطه ونقشه، وغير ذلك من الشاغلات، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى.
وقال الحافظ ابن حجر عند شرح الحديث المذكور: ويستنبط منه كراهية كل ما يشغل عن الصلاة من الأصباغ والنقوش ونحوها. انتهى.
وللفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 120993، مع الفتاوى المحال عليها فيها.
والله أعلم.